مرثية الزمن الصعب

إلى روح حسين حلاق..

أدارَ لنا ظهرَهٌ ومضى،

وأوغلَ في البُعدِ حتى حسِبناهُ طيفَ انتظارْ

ووحَّد غربتَهُ،

وأصابَ اليقينَ،

وحلَّ جميعَ الأحاجي،

وأطفأ شمسَ النهارْ

وآثر نورَ التُّرابِ على عَتمةِ الشمسِ بين الغبارْ

وأنهى الحوارْ

كأنّا بهِ لا يطيقُ الشهادةَ في زمنٍ للتنازلِ والانكسارْ

فأغفى على الجرحِ،

تحتَ تلالٍ منَ الملحِ

أغمضَ عينيهِ لحظةَ صحوٍ، وفكَّ الحصارْ

فكانَ له الموتُ محضَ اختيارْ

***

أيا فارسَ الصَّحبِ مهلاً

فمازالَ في الوقتِ متَّسعٌ للهزيمهْ

ومازالتِ الأغنياتُ السقيمهْ

تقضُّ المسامعَ

تحفرُ في النفسِ عاهاتِها المستديمهْ

تُراكَ سئمتَ فجورَ الزمانْ!

وعُهرَ الطهارةِ في الوطنِ النازفِ المستهانْ!

وغربةَ ذاتِكَ في عمقِ ذاتِكَ،

بينَ صقيعِ الأماني، وبينَ صقيعِ المكانْ!

ولستَ غريباًً على الحُلم حينَ يقارعُ ظلما

بهذا القليلْ!

بماذا أحيطُكَ، يا فارسَ الصحبِ، علما؟

وماذا أقولْ؟

ففي كلِّ يومٍ نعاني مصيبهْ

تعزُّ عليها جميعُ الحلولْ

ننامُ ونصحو على رُسُلٍ للهوانِ وللموتِ،

تخرجُ من موقعٍ للعروبهْ!

بأيدٍ غريبهْ

ملطَّخةٍ بالدماءِ وبالحقدِِ،

تسبِقُها ترَّهاتٌ عجيبهْ

نواجهها بالرِّضى والقبولْ

وبالصمتِ يُذهلُ، حينَ يحلُّ، العقولْ

***

أكاد أؤكِّدُ أنكَ منذُ عقودٍ من الزَّمنِ الصَّعبِ،

جئتَ بمحضِ اختيارِكْ

أراهنُ أنكَ، منذُ خُلِقتََ،

نذرتَ ظلامَ لياليكَ رهناً لنورِ نهارِكْ

وأنكَ وفَّيتَ كلَّ العهودْ

وأحرزتَ صكَّ البراءةِ رغمَ جميعِ القُيودْ

وأقسمُ بالخبزِ والملحِ أنكَ أنتَ الذي اختارَ وقتَ الرحيلْ

كأنَّ الإرادةَ فيكَ تخطَّتْ مصارعةَ المستحيلْ

ومازلتُ في غيهبِ النفسِ، أرفضُ فكرةَ موتِكَ،

مازلتُ أرقبُ عودتَكَ المستحيلهْ

وفي القلبِ جرحٌ، وفيهِ شجونٌ،

وغصةُ حزنٍ، وذكرى جميلهْ

دمشق 18/1/1999

Comments are disabled