لا تغيبي

عراني الشَّوقُ، وافترقتْ دروبي

ولاذَ البَوحُ بالصّمتِ الرهيـبِ

 

لِمن أشكو شجوني؟ واشتياقي؟

وقلَّـةَ حيلتي، ولظـى لهيبي؟

 

أداري، علَّني أُخفي اضطرابي

كمَنْ كبحََ الريـاحَ عنِ الهبوبِ

 

لقد زلَّ اللسانُ، وشـاع أمري،

وحصحَصَ للبعيـدِ وللقريـبِ

 

وما عـادَ الحنينُ أسـيرَ عينٍ

تكادُ تفيضُ بالدَّمعِ السَّـكوبِ

 

أُسِـرُّ الآهَ في صـدري فتبـدو

بنبضِ مشاعري، وصدى وجيبي

 

وأفتعِلُ الهـدوءَ على انشِـغالي،

فيالي منْ فتـىً خـَبٍّ كَـذوبِ!

 

إذا كابرتُ واسـتجمعتُ بأسـي

فأينَ أفـرُّ من بـأسِ الطَّبيـبِ؟

 

وإن أَفلَحْتُ في إخفـاءِ وجـدي

تلمَّـس ما أُعاني مـن شُـحوبي

*

ألا يـا قلـبُ لا تُثْقِـلْ عليـها

فقـدْ فَتَكَـتْ بـآلاف القلـوبِ

 

وحـارتْ بينَ مشـتاقٍ وصَبٍّ

فما فرقتْ غريباًِ عن غريـبِ؟

 

وإن ضنَّتْ عليـكَ وما أطلَّـتْ

فسـامِحْها، وزِدْهُ على ذُنوبـي

 

وعاتبْهـا على ما كـان منهـا

ولكـنْ، دون لَـومٍ أو لُغوبِ

 

بـأنَّ غيابهـا يـومٌ بِ،دهْـرٍ

أَيا قلقَ المُحِبِّ على الحبيـب!

 

لعينيْـها رسـمْتُ على القوافي

وِشـاحَ اللازَوَرْدِ على الغروبِ

*

أمِنْتُ على هواكِ الصَّعبِ قلبي

وأَلقَيتُ الهُمـومَ على النَّصيب

 

فخـانَ أمانتي، وأذاع سـِرّي،

وسـلَّمَني، وحمَّلني صليبــي

 

أأهربُ؟ ليتـني! لكنَّ شـوقي

يطاردُني فأهربُ من هروبي

 

لَقَدْ طالَ الغيابُ، وضقْـتُ ذَرعاً

وكأسُ الصبرِ مالَ على النُّضوبِ

 

سـألتك لفتـةً، ودعـوتُ ربّي،

وأشعلْتُ الشموعَ لتســتجيبي

 

وعلَّقتُ الرَّجـاء على انتظاري

فآثرتِ الغموضَ، ولم تجيبـي

 

تملَّكني الهوى، فطَفِقتُ أشـدو

ولسـتُ بعـاذلٍ أو مسـتغيبِ

 

أكادُ أُجَنُّ منْ وَلَهـي وضَعفـي

أمامَ الحُسْـنِ، والحِـسِّ اللعوبِ

 

أذوبُ لوجهِـكِ الوضّاحِ شـوقاً

وبي تَوقٌ إلى الصَّوتِ الطَّروبِ

 

خُذي ما شـئتِ من أيام عمري

ولكنـّي، رجوتُـك: لا تغـيبي

دريد نوايا

Comments are disabled