عقد ترجمة.. أكل خـ….

كنت والدكتور “ر” الأستاذ الجامعي، وصاحب دار النشر نتفاوض على ترجمة كتاب، هو يريد أن يحصل مني على أقل سعر ممكن كأجر للترجمة، وأنا أحاول العكس، مع أن أسعار المترجمين معروفة، وكان سعري من الأسعار المرتفعة، كونها لا تحتاج للمراجعة.

اقتربنا من الاتفاق، ولم يبق بيننا سوى مبلغ بسيط “ربما مئتي دولار أو نحوها”، لكنه أصر على أن يمون علي لأوافق على سعره، فيما تمسكت أنا بالسعر الذي طرحته، وبدت الأمور غير قابلة للحلحلة.

ولكسر جمود الموقف، تناولت العقد، وملأت فراغاته، واضعاً السعر الذي طلبته عليه، وموقعاً، ثم قدمت العقد للدكتور “ر” قائلاً: تفضل وقِّع هنا.

ابتسم الدكتور ابتسامة لا تخلو من الخبث وقال:

أراك كتبت السعر الذي تريده!

قلت: طبعاً.. هل تريدني أن أكتب السعر الذي تريده أنت؟

أكمل ابتسامته الخبيثة وقال:

كان لنا زميل في أثناء الدراسة الجامعية يحب ابنة أستاذ لنا، كانت البنت كاملة الأوصاف، من النسب، والغني، والجمال، وكان والدها شخصية علمية وسياسية معروفة. ومن شدة حب زميلنا للبنت، كنا نقول له: لماذا لا تخطبها، خذ أهلك وادخل البيوت من أبوابها. وكان يجيب: نصف المشكلة محلول، فأنا موافق، وأبي موافق، وأمي موافقة، ولم يبق إلا أن توافق البنت وأبوها وأمها.

قالها وتابع ابتسامته الخبيثة، وكأنه سجل هدفاً في مرماي. قلت له: ألا تريد أن تستمع لما حدث للصديقين؟

قال: هات لنشوف!

قلت: كان هناك صديقان يتحدى كل منهما الآخر، ويتشارطان على كل صغيرة وكبير، وبينما كانا يسيران في الشارع، شاهدا على الأرض “روث حمار”، (بالطبع قيلت كما يجب أن تقال)، فقال أحدهما للآخر: هل تأكلها، وتأخذ عشرة آلاف ليرة؟ قبل الآخر التحدي وأجاب: نعم سآكلها، أخرج الآلاف العشرة من جيبك.

بالفعل أكل الصديق ما أكله، وأخذ الآلاف العشرة. وتابع الصديقان السير، فوجدا واحدة أخرى. قال الذي ربح المال لصديقه: هل تأكلها، فأعيد لك آلافك العشرة، قبل الصديق التحدي، وأكلها، واسترد ما دفعه لصديقه.

سار الصديقان عدة خطوات صامتين، ثم سأل أحدهما الآخر:

ماذا فعلنا؟

أجابه صديقه: أكلنا خـ…

ضحك الدكتور “ر”، من كل قلبه، وسألني:

تقصد أننا، نحن الآن، أكلنا خـ..

قلت له: طبعاً، مؤسسة طويلة عريضة تحاول توفير مبلغ صغير من كاتب؟ بعد أن نشرت له عدداً من الأعمال!

أخذ الدكتور “ر” العقد ووقعه، ودفع السلفة.

Comments are disabled