أحبك.. أحبك..

منذ بضع سنوات، كنت مدعواً، مع عدد من الصحفيين والمهندسين، لمعرض في مدينة حلب، سوق الإنتاج، وعشاء تقيمه وزارة الزراعة في فندق “بولمان الشهباء”، يليه في اليوم التالي مهرجان القطن.

سافرت من دمشق إلى حلب بسيارتي، وبصحبة أصدقاء لي، افترقت وإياهم لدى الوصول إلى حلب.

كنت قد عوّدت نفسي أن أحجز غرفة في فندق لدى وصولي لأي مدينة، لكثرة الأصدقاء الذين يمكن أن يحرجوني ويلحون علي للنزول ضيفاً في بيوتهم. وهكذا اتجهت إلى الفندق السياحي في مدينة حلب، الذي تعودت النزول فيه، حين لا يكون لي بيت هناك، إذ أنني خريج جامعة حلب، ومقيم فيها لسنوات.

مع موعد افتتاح المعرض، قصدتُ سوق الإنتاج، وبعد الانتهاء، قصدت فندق بولمان الشهباء، لأعود بعد انتهاء العشاء إلى الفندق، ودون أن أبلغ أحداً بمكان إقامتي تلك الليلة.

صعدت إلى غرفتي، وفتحت الباب، ثم فتحت حقيبتي الصغيرة، وأخرجت ملابس الراحة والمنشفة، ودخلت الحمام لأغسل وجهي ويدي، ثم خرجت، وهنا كانت المفاجأة.

ورقة صغيرة، حمراء اللون، على شكل مثلث، قريبة من باب الغرفة. التقطتها فإذا هي مربعة الشكل مطويّة من المحور، فتحتها فوجدت فيها كلمة “أحبك” مكتوبة في وسطها.

وقفت حائراً أسأل نفسي: هل أخبرت أحداً بوجودي هنا؟ لا أذكر أنني فعلت ذلك. هل هناك مقلب من أحد؟ كيف استطاع أحدهم الوصول إلى غرفتي عن طريق الإدارة؟ مستحيل. نظرت إلى الباب، لا يمكن أن تكون هذه الورقة قد دُسّت من تحت الباب، فالموكيت سميك، ولا أرى فراغاً تحت الباب.

تقدمت قليلاً نحو السرير، فوجدت ورقة أخرى، نسخة عن الورقة الأولى، فازدادت حيرتي، وقررت: لا يمكن إلقاء هاتين الورقتين في الغرفة إلا من قِبَل شخص دخلها. تمهّلتُ مرة أخرى لأعيد ترتيب أفكاري، وإمكانية دخول أحد غرفتي دون إذني، قبل أن أسأل الإدارة.

بعد لحظات قليلة رن جرس الهاتف.

كانت زوجتي على الطرف الآخر تهتف لي من دمشق وهي تسألني ضاحكةً:

  • هل فتحت الحقيبة؟

أدركت لحظتها ما حدث:

  • أنت إذاً..

كانت قد وضعت الورقتين في الثياب، وحين أخرجتها من الحقيبة رافعاً إياها لأفردها، لم أنتبه لسقوط الورقتين على الأرض، وكذلك حين دخلت الحمّام، وهكذا فُسّر اللغز الذي حيرني بضع دقائق.

Comments are disabled