الحاج عمر بائع السكر

كنت في حوالى العاشرة من العمر، حين رافقت أبي لشراء بعض حاجات البيت من المواد التموينية، وكان الحاج عمر البائع الذي نشتري منه هذه المواد الاستهلاكية، وببنما نحن “نتبضّع” دخل رجل إلى المحل، يبدو أنه من أصحاب الحاج عمر. وبعد السلام والسؤال عن الصحة والحمد والشكر لله، سأل الرجل الحاج عمر:

  • × هل أستطيع اقتراض مبلغ ألف ليرة منك حتى نهاية الشهر؟

أجاب أبو عمر:

  • × مصاري ما معي.. عندي سكّر إذا أحببت.

اتفق الرجلان على كمية كبيرة من السكر، واشترى الرجل دون أن يدفع أو يستلم ما اشتراه. وبعد قليل سأل أبو عمر الرجل:

  • × هل تريد أن تبيع السكر؟

أجاب الرجل بالإيجاب، واتفقا على السعر، وقبض الرجل ألف ليرة من البائع، وشكره ومضى، دون أن يستلم أو يسلّم أي سكر.

بقيت القصة في ذاكرتي سنوات دون أن أفهم ما حدث، وأنا من الذين يبحثون عن الإجابات بأنفسهم، ولا أسأل غالباً، حتى أدركت ما حدث.

أبو عمر ميسور الحال، وعادة ما يُقرض الذين يعرفهم، لكنه يريد أن يستفيد، أي بالمعنى الواضح يريد أن يتقاضى فائدة مقابل ما يُقرضه من مال، لكنه حاج، زار الرسول الكريم وحصل على لقب “الحاج” عمر، وهذا ما يتنافى مع الشرع الإسلامي، فاخترع طريقة يحصل من خلالها على “الفائدة” بالتفافه على الشرع، فيبيع السكر بسعر مرتفع، ثم يشتريه بسعر منخفض، دون أن يفتح مستودعه، بل حتى دون أن يكون لديه سكّر، ربما!

من الممكن أن يحتال المرء على شخص آخر، وربما على شركة كبيرة، وربما على دولة. فالاحتيال له وجوده على كافة المستويات، حتى أن الكثير من الناس يحتالون على أنفسهم. لكن كيف يستطيع أن يحتال على الله، الذي يعلم النيّات، وهو الحاج المصلّي الصائم.

علمت في ما بعد أن الحاج عمر يتبادل ما لديه من أموال تستحق الزكاة مع زوجنه وأولاده قبل أن يحول عليها الحول، وبذلك يتخلص أيضاً من الزكاة.

مات الحاج عمر، وخلّف ممن خلّف ثلاثة شباب، أصبح لكل منهم محلاته وأعماله، وطريقته في العبادة!!!

ونعم التربية…..

Comments are disabled