ذات يوم..

ـ 1 ـ

تذرَّعتُ أنّي أزورُ صديقي

ولكنّني كنتُ آتي إليكِ

ووكنتُ أداري لساني وقلبي

وأُخفي حقيقة همّي عليكِ

وأعرِف أنكِ قاموسُ حُسْنٍ

وأنّ كثيراً عدايَ من المعجبينَ لَديْكِ

وأنكِ مُهْتمَّةٌ بشؤوني

إذا غِبتُ يوماً..

يكادُ يجفُّ سؤالُكِ عني على شَفَتيكِ

وكنتُ أغيبُ ليومٍ.. ليومينِ..

ثم أعودُ لألقى عتابَكِ في ناظِرَيْكِ

وفرحةَ عشرينَ عاماً

كنسمةِ صبحٍ تخلَّلها الطيبُ من ناهديكِ

وبعدَ رحيلي..

تذكَّرتُ أني نسيتُ فؤادي على راحتَيْكِ

فهلاّ تكرَّمتِ واختَرْتِ بين اثنتين:

ـ تعالَي إليَّ..

ـ وإلاّ.. أعيدي لصدري رهينَ يديْكِ

ـ 2 ـ

تعلَّمتُ في غربتي كيفَ أبكي بغيْرِ دموعٍ

تعلَّمتُ أشياءَ أخرى

فمدرَسَةُ البُعْدِ مِرآةُ صمتٍ

تُتيحُ لنا الوقتَ كي نتعرّى

فتفضحُ عريَ الحنينِ بصدقٍ

وتُخرِجُ من بِئرِهِ ألفَ ذكرى

تعلَّمتُ في غُربتي أنَّ بيتي أَحَبُّ البيوتِ إليَّ

ولو كانَ وكرا

وأنّ سريريَ في “حِمصَ”

سيِّدُ كلِّ الأَسِرَّةِ دفئاً.. وأطرى

تعلّمتُ، يا ربَّةَ الحبِّ، أني بغيرِ صباحِكِ

أزدادُ بُعداً.. وهَجرا

وأنّ صباحَكِ زادٌ لِيَوْمي

ولو كنتُ أُفشي من القلبِ سِرّا

وأنّكِ كنتِ كباقة وردٍ على صدرِ عمري

تضوعينَ عِطرا

وأنكِ كنتِ صليبي وموتي

على هَيكلِ الصّمتِ شهراً فشهرا

وأني افْتَقدتُكِ بعد رحيلي

وضِقْتُ بِبُعدِكِ همّاً وصبرا

تعلّمتُ أني أُحبُّكِ جدّاًَ

وأنّ الوقوفَ دقيقةَ صمتٍ أمامَكِ عِندي

يُعادِلُ عمرا

طرابلس الغرب آذار (مارس) 1976

Comments are disabled