أسألُكِ الرَّحيلَ عن خيالي

لأجلِ هذا الفجرِ يا فاتنتي

وأجلِ ما سهرتُ من ليالِ

وما انتظرتُ في غيابِكِ المُحاطِ بالضّبابْ

وسرِّكِ المجهولِ خلفَ ذلكَ الغيابْ

أسألُكِ الرحيلَ عن خيالي

فما احتملْتُ منكِ فوق قدرةِ احتمالي

عانيتُ من أطوارِكِ الغريبهْ

وعشتُ في دوّامةِ الشُّكوكِ

أستشِفُّ من خِلالها همومَكِ التعيبهْ

وأسألُ الأوقاتَ عنكِ دائماً

وليسَ مِن مُجيبْ

الليلُ لا يُجيبْ

والصُّبحُ لا يُجيبْ

وشمسُ آخِرِ النهار ساعةَ المغيبْ

وأسألُ الغُروبْ

وأكتوي بحرقةِ انفعالي

منتظِراً قدومَك المرهونَ بالمُحالِ

وشارباً مرارةَ ارتحالي

*

حاولتُ هذا الليلَ أن أنامْ

أن أدفُنَ الظُّنونَ في أروِقةِ الظلامْ

وأستريحَ ساعةً من هاجسي

منَ انتظاري اليائسِ

ولم تشأْ هواجسُ انشغالي:

– في أي حضنٍ ترقدينَ الآن يا سرابْ؟

– وأيُّ ركنٍ يجمعُ الثِّيابْ؟

– ومَن تُراهُ يعجنُ الشفاهَ بالرّضابْ

– ويجمعُ الفيروزَ واللآلي!

– من صدرِكِ الغارِقِ في بحورِهِ

– وكلُّ ما احتواهُ في عالمِهِ مدلَّلٌ ورائعُ وغالِ

أهيَ الظُّنونْ؟

أم أنها مرارةُ اليقين؟!

*

يا أنتِ…

أيُّ عُقدةٍ في سرِّكِ المجهولِ لا تذوبْ

لا تمَّحي أمامَها الذُّنوبْ

وكلُّ لغزٍ ينحني للغزِكِ الرهيبْ

ووجهُكِ الصَّبوحُ يستحمُّ في مرابعِ القلوبْ

وحسُّكِ اللعوبْ

يلسعُني كجلدةِ السَّوْطِ على توجُّعِ الجراحْ

ينقلُني هديلُكِ الطروبْ

إليكِ حيثُ يحتويكِ الرُّعبُ كالوشاحْ

يعبرُني كنسمةِ الصباحْ

لهاثُكِ العبيرُ

يستقرُّ في صدري كأنَّهُ العدَمْ

كأنَّه مكامنُ الألمْ

تربِطُني إليكِ عندَ مولدِ النهارْ

ثلاثُ أنّاتٍ لها توجُّعٌ يمزِّقُ الحجارهْ

– واحدةٌ قرارُها المرارهْ

– وتحفرُ الأخرى بصدري جدولَ انتظارْ

– وتكتوي ثالثةٌ بالأمل المصلوبِ فوقَ حائطٍ أُعِدَّللبكاءْ

فباسمِ ما حملتِهِ في وجهِكِ الصبوحِ من سحر

ومن جمالِ وباسمِ ما عانيتُ يا شاعرتي من سرِّكِ المجهولِ

في شكّي وفي ضلالي

وباسمِ قلبٍ حائرٍ في عيشكِ المبهَمِ كالسؤالِ

وباسم ما جرَّعتِني من شهدِكِ المرِّ ومن عذابِكِ الوبالِ

أسألُكِ الرحيلَ عن خيالي

القاهرة   تموز/ يوليو 1976                   دريد نوايا

Comments are disabled