السَّـــبيَّة

إلى التي سرقت دفتر أشعاري واختفت

أعيديهِ…

عُصارةُ غربتي أودعتُها فيهِ..

ومن سهري،

ومن طولِ انتظاري كنتُ،

حينَ يجوعُ، أطعِمُهُ وأسقيهِ

وفيهِ صرختُ

فيهِ رفضتُ كلَّ مدارسِ القهرِ

وفيهِ دفنْتُ من عمري

سنينَ الجدْبِ

رُمتُ موانئَ الإلهامِ عبرَ مراكبِ الشِّعرِ

وحينَ نشرتُ أشرعَتي لنورِ الشَّمسِ

                       كان معي

يلُمُّ ضياءَها حُزَماً.. ويطويهِ

وكنتُ أضيقُ عن همّي

وأدفنُ صمتيَ المسكونَ بالأشباحِ

                           في أعماقِ واديهِ

وحينَ يزورُني الإحباطُ في ليلي

                                أُناجيهِ

أُقلِّبُهُ.. وأقرَؤهُ.. ويقرؤني

فيفتحُ لي أمامَ المجدِ آفاقاً

يُطلُّ عليَّ منها المجدُ ربّاً في أعاليهِ

حفرتُ عليهِ تاريخَ احتراقي

حينَ جُبْتُ الأرضَ

مرَّغتُ انطفائي في حُطامِ الطالِعِ

                           الملعونِ بالغربهْ

بلعنةِ سيِّدِ الرَّغبهْ

وإحباطِ الغد المجبولِ بالرهبهْ

وكانتْ قسوةُ الأيامِ تكويني.. وتكويهِ

وحينَ رحلْتُ عن بلدي..

تغرَّب في رحيلي المرِّ،

ضاجعَ وحشةَ الصحراءِ،

ذاق الملحَ في طعمِ الجموحِ الصَّعبِ،

عايشَ كلَّ أوجاعي أمامَ منصَّةِ التجريدِ

حينَ تجمَّعتْ زُمَرٌ من الشُّذاذِ تأفكُ بي

وتسرِقُ من يدي تعبي

                       وترميهِ

إلى الأيامِ تعبثُ في قداستِهِ

                         وتُبليهِ

وحيداً كنتُ هذا الليلَ

أبكي دفتري المفقودَ.. أبكيهِ

فلا أرجوكِ.. ردّيهِ

كفاني منكِ ما عانيتُ

ما لا زلتُ في أعماقِ أعماقي أعانيهِ

دعيني منكِ..

يا حلُماً سقاني حنظلَ الأيامِ في كأسٍ

كفاني ما أنا فيهِ

القاهرة   حزيران/ يونيو 1976                   دريد نوايا

Comments are disabled