|
أمشـي على دربِ الهجيرِ مفكِّراً |
والجسـمُ تحـتَ ملابسـي اتَّقدا |
|
|
ودمشقُ في بالي تخُطُّ مواجعـاً |
للذكريـاتِ تمـزِّقُ الكَبــدا |
|
|
فدخلْتُ مقهايَ المفضَّـلَ أبتغـي |
من حـرِّ ذاكَ الوقـتِ مُلتَحـَدا |
|
|
وجلستُ يلفحُني الهجيرُ وعادني |
شوقٌ إلى النَّسـَماتِ من “بَردى” |
|
|
|
|
وسـمعتُ صوتـاً خِلتُهُ لأميرةٍ |
أُمويَّـةٍ مـدَّتْ إلـيَّ يـــدا |
|
|
أو أنَّـهُ رَجْعُ اشـتياقي بعدَمـا |
لاقى دمشقَ وعادَ صوتَ صدى |
|
|
ورفعتُ رأسي إذ لمحتُ خيالَها |
ماضٍ بيُمْـنِ الحاضـرِ اتَّحـدا |
|
|
ونسيتُ همّي حين نحوي أقبلَتْ |
تسـتقبِل الآتـي الـذي وفـدا |
|
|
وبكُلِّ مـا حملتْ وماحفِلَتْ بـه |
دفعـتْ إليَّ الوجـهَ والجسـدا |
|
|
عينـانِ فِرْعَونيَّتـان بوجهِهـا |
“إيزيـسُ” في بُعدَيْهِمـا رَقَـدا |
|
|
وفمٌ كبُرعُـمِ فلّـة أعطـى لـهُ |
دفءُ الربيـع الأمـنَ فانفـردا |
|
|
فتنبَّهَـتْ غمَّازتـانِ لبسْــمةٍ |
ربّـاهُ هل يََعصيـكَ مَن سجدا؟ |
|
|
فشـربتُ كوبـاً من يديها ساخناً |
قلبـي بلُجّـَة حـرِّهِ ابْتــَردا |
|
|
وحملتُ أشـيائي وسرتُ مودِّعاً |
أحيـا علـى أمـلِ اللقـاءِ غدا |
|
|
وكـأنَّ وعـداً خصَّنـي بلقائها |
فالقلـبُ موعـودٌ ومـا وُعِدا. |
|
* |
|
وذهبتُ في “شـمِّ النسيمِ كعادتي |
في كـلِّ يـومٍ أقصـِدُ البلـدا |
|
|
وجلستُ في الرُّكن الذي واعدْتُهُ |
وعـداً كوعـدِ الفجـر منعَقـِدا |
|
|
وصحيفةُ “الأهرامِ” بينَ أصابعي |
تمتـصُّ رِعْـدةَ ما بِيَ ارْتَعـدا |
|
|
فـرَنتْ إليَّ كـأنَّ شـيئاً بيننـا |
قبـلَ اللقـاءِ كمـا إلـيَّ بـدا |
|
|
أوحـتْ إلـيّ بمـا يدورُ ببالها |
أيُـلامُ زرّاعٌ إذا حصَــدا؟ |
|
|
فطفِقتُ من حرصي عليها مُشفِقاً |
كي لا أصيـبَ بطالعِـي أحَـدا |
|
* |
|
لا تُخدَعي بي لستُ غيرَ مُغامِرٍ |
لا مـالَ يشـغَلُني ولا ولـدا |
|
|
أحزانُ عمري لا أحيطُ بحجمِهـا |
وأكـادُ لا أُحصي لهـا عـدَدا |
|
|
أنسـى الوصالَ لساعةٍ من بَعدِهِ |
والهجـرُ ليـسَ يعافُنـي أبـدا |
|
|
فلْتهجُرينـي كي أظـلَّ معذَّبـاً |
وأقـولَ عـادَ الحـبُّ وابتعـدا |
|
* |
|
لملَمْتُ أوراقي وبعـضَ مرارتي |
ومضيتُ.. يا لَلدَّهـرِ إن عَنَـدا! |
|