علاج الاضطرابات الروماتيزمية بسم النحل

ترجمة المهندس دريد نوايا                               By Dr. Frantisek Kuthan

ملخص الورقة  المتعلقة بالعلاج بمنتجات النحل، المقدمة في مؤتمر النحالة الدولي للأبيمونديا في بوخاريست، رومانيا. اللغة الأصلية للمقالة هي الألمانية. وتم نقلها إلى العربية من اللغة الإنكليزية.

خصائص سم النحل العلاجية تقليد قديم. فقد عولج الكثير من الأمراض في مصر القديمة بمراهم مصنوعة من النحل. وأورد Pliny وGalen  تقارير في معالجة مشابهة. كما عانى كل من Charlemagne وIvan من مرض في المفاصل عولج بسم النحل، إضافة إلى أن Likomskiy (1884) وTerc (1888) نشرا أول دراسات طبية سريرية تتعلق بتأثير لسع النحل على الروماتيزم.

لكن التوسع الشديد في علاج الاضطرابات الروماتيزمية بسم النحل بدأ فقط في عشرينات القرن العشرين، وانتشر استعمال سم النحل سريعاً في كل أوروبا. أما في أميركا، فكان هناك Beck الذي بدأ موجة مشابهة في العلاج بمنتجات النحل من خلال دراسته عام 1934. وفي السنوات الأخيرة، نشهد حركة جديدة للعلاج بسم النحل في الغرب، تشكر لـ Saine وBroadmann وآخرين.  مع ذلك، فقد كانت للعلاج بسم النحل أيضاً فترة انحطاط في البلدان الشرقية والبلدان الغربية من أوروبا. ففي أغلب الكتب الطبية التقليدية حول الرزماتيزم، اعتبر العديد من المؤلفين سم النحل طريقة مشكوكاً بها، ويمكن قبولها على أنها شبيهة بالحساسية، والأثر المضاد للتهيج. يمكن أن نرى سبب هذا الانحطاط في التوقعات غير المناسبة التي وضعت في هذه الطريقة، ومداها المفرط تحت مؤشرات دقيقة غير كافية. لقد جاءت السمعة السيئة لهذه الطريقة بسبب حقيقة أنه حيثما تطورت البحوث الصيدلانية والكيميائية حول سم النحل، مع الخطوط العلمية والمخبرية الصارمة، بقيت البحوث السريرية معوَّقة، من جهة عن طريق التعصب الغامض، ومن جهة ثانية عن طريق الرفض العنيد من قبل الأطباء، للاعتقاد الأعمى بالقوى الطبيعية الخفية في سم النحل. وأكثر من ذلك، فالعديد من الذين يحضِّرون سم النحل يتخذون الطابع التجاري، في المحتوى المشكوك به من المادة الفعالة، أو يحتفظ الصانعون بالتركيب سراً.

إذا أردنا إحراز تقييم سريري معين للعلاج بالنحل، علينا ألا نعتبره دواء عاماً شافياً لجميع حالات الروماتيزم، وإنما كمساعد كفء للمعالجة الكلاسيكية الأساسية لأمراض الروماتيزم. هذا الظرف بحد ذاته يشير إلى الصعوبات في تقييم نتائج  العلاج بالنحل، ويفسر الاختلاف في المشاهدات والمعلومات بين المؤلفين، وبالطرائق التي يستخدمونها في العلاج به، وباختلاف الصيغ التي يقوم بها المحضِّرون المتوفرون، وبمدة العناية الخاصة التي تُنفَق للاستخدام الشخصي.

أسباب خاصة في تشيكوسلوفاكيا تجعل سم النحل لا يدخل عالم النسيان. من ناحية أن Terc، التشيكي من فيينا، كان واحداً من أوائل من شرحوا تأثير سم النحل على الأمراض الروماتيزمية بلغة التجربة السريرية، ومن ناحية ثانية، أن البحث الصيدلاني التشيكوسلوفاكي في سم النحل جعله منتَجاً نوعياً عالياً ومتماثل الصيغة، ويتمتع بثبات وموثوقية عالية أيضاً. لكن تركيب سم النحل لم يُفهم بعد بشكل دقيق، ولا نعرف حتى الآن آليات فعاليته في العلاج. إلا أن العناصر الأكثر أهمية في هذا المزيج من المواد العديدة، يبدو أنه مجموعة من الهيستامين، والليسيتينيز، والهيالورونيداز تُحدِث ألماً موضعياً، ووذمة وتبيُّغاً، وتعمل كمهيج مضاد كامن.

هذا التأثير الموسع للأوعية يمر عن طريق منعكسات المحوار axon – reflexes حتى داخل النسج العميقة، وقد يمارس تأثيراً على الالتهاب المزمن، ويزيد من استقلاب النسيج في التخلص من نواتج الالتهاب الضارة.

يحوِّل الليسيتيناز الليسيتين إلى ليزوليسيتين (فوسفوليباز B) ذي التأثير الصريح الحال للدم، والمدمر لكريات الدم الحمراء، وخلايا الأنسجة الأخرى، إضافة إلى مشاركته المحتملة بخصائصه في حل ليف سم النحل. ويعمل الهيالورونيداز كعامل نشر ينثر (أو يفرِّد) حمض الهيالورونيك من النسيج الضام. وهناك مواد أخرى من البروتين تكون لها خصائص مستضدية. إنها تمارس فعلاً بروتينياً غير محدد، مغيِّرةً آليات الحساسية والمناعة في الجسم. والتساؤل حول التأثير الشافي لنحل العسل، خصوصاً في حال اللسع المباشر، هل يُعزى إلى عوامل أخرى؟ لا جواب له حتى الآن.

لقد استخدمنا، لدراستنا، الأبيتوكسين Virapin Spofa A 45 المتوفر محلياً، والمنقى، والمعقَّم، والمجفَّف بالتجميد، في محلول ميسوكائين mesocaine 2 ملغ/ لتر. والأبيتوكسين هو في الأساس منتَج لغدتين تتصلان بكيس سم النحل، تنتج إحداهما عناصر حمضية قوية، وتنتج الأخرى عناصر قلوية ضعيفة. هذه المحضَّرات ثابتة التركيب إلى حد ما، ويمكن الاحتفاظ بها، حتى في حالـة

المحلول، فعالةًً عدة أيام.

في أغلب الحالات، يتشابه الحقن داخل الأدمة مع اللسع المباشر الذي ثبت أنه أكثر فعاليةً. فقد كان تأثير الحقن تحت الجلد وداخل المفصل أقل بشكل ملاحَظ. لكن الحقن في المفصل أو حوله حرَّض ردة فعل مؤلمة غير شديدة. لقد استخدمنا الحقن داخل المواضع المؤلمة، إما فوق المفاصل أو العضلات، أو على امتداد مناطق الرأس، عندما يكون الغرض التأثير على الطبقات الأعمق من الأعضاء.

في ما يتعلق بالاختلافات الشخصية من حيث الحساسية، بدأت المعالجة بأقل جرعة 0.05 – 0.1 ميليلتر، وكانت الحقن التالية تستخدم دائماً بعد أن تهدأ جميع مظاهر ردات الفعل الموضعية فقط. ومع المرضى الحساسين، كانت الجرعة تُزاد بأقل ما يمكن، وببطء شديد، أما في حالات ردود الأفعال المنخفضة، فقد كانت الجرعة تُزاد بسرعة حتى 0.25 – 0.5، وحتى 1.0 أيضاً أحياناً. وكانت تتشكل في مكان الحقن حُلَيمة بعده تصبح حمراء اللون، مع حكاك وحرقة تستمر عدة ساعات، وحتى عدة أيام. لكن ردود الفعل الأقوى كانت تترافق لدى مرضى معينين بانتفاخات ساخنة مندمجة حول مكان الحقن.

كانت ردود الأفعال لدى مرضى معينين ترتبط أيضاً بتأثيرات جانبية، كالألم في مفاصل أخرى، أو أجزاء أخرى من الجهاز العضلي، أو التعب، أو الاحتقانات، أو الصداع، أو الغثيان، أو التقيؤ، أو هبوط ضغط الدم، أو البرد مع ارتفاع درجة حرارة الجسم. هذه التأثيرات الجانبية لم تُضعِف من الكفاءة العلاجية في المواضيع التحسسية. قد يُحدِث سم النحل صدمة قوية ترتبط بطفح عام، ووذمة في المزمار، تستجيب جيداً للأدرينالين وغلوكونات الكالسيوم، وبشكل أقل بعض الشيء لمضادات الهيستامين. وهكذا، يجب التحقق في ما إذا كان المريض قد تعرض للسعة نحلة من قبل، وماذا كان رد فعله. يجب أن يبقى المريض في غرفة الانتظار لمدة لا تقل عن 15 دقيقة بعد أخذ الحقنة، إذ أنها تُحدِث رد فعل بسيطاً أو متوسطاً يدوم يوماً واحداً أو يومين، وهذا ما يبرهن على فعالية أكثر. أما الاضطرابات المجموعية الصغرى فلم تعتبَر عقبة شديدة. ويبدو أن الفترة المثلى الفاصلة بين الحقنة والأخرى هي 5 – 7 أيام، والاستخدامات الأكثر تكراراً أدت إلى ردود فعل موضعية وعامة غير مرغوبة. لقد تضمنت دراستنا مرضى الربو، والتحسس أو التهاب الجلد بسبب الأدوية، والصداف الحاد، وحالات الحمّى مع أعراض مجموعية واضحة أو دَنَف. وهكذا فإنه ليس هناك تمييز مطلق بالتضاد بالنسبة للمعالجة الموضعية بالأبيتوكسين، حتى في الحالات ذات الفعالية المجموعية المتوسطة، التي لا تتدهور كقاعدة.

تألفت المشاهدات في الاختبار الدقيق بعد الحقن من علامات الالتهاب، والآلام الذاتية والموضوعية، وحركة المفاصل، ومدى الحيوية والنشاط لدى الحقن. وبعد شهرين من المعالجة أوقف جميع المرضى الذين كانوا قد خضعوا للمراقبة ثانية، وكانت النتيجة النهائية للمعالجة قد صُنِّفت في أربع درجات: تدل الأولى على اختفاء المشاكل بسبب أن المعالجة كانت قد بدأت منذ شهرين على الأقل. وتدل الثانية على تحسن ملاحَظ لمدة شهرين على الأقل. أما الثالثة فكانت تحسناً موقتاً بعد كل حقنة. ولم يلاحظ في الدرجة الرابعة أي تحسن على الإطلاق، أو أي تغير نحو الأسوأ. أكثر من ذلك، فقد أجرينا مقارنة بين تأثير الحقن بالفيرابين Virapin داخل الأدمة، والحقن داخل المفصل في 35 مريضاً، إضافة إلى تأثير استخدام حقن الفيرابين داخل الأدمة مع حقن مادة الهيدروكورتيزوناسيتات hydrocortisoneacetate (اختصاراً HCA) وأخيراً تأثير الاستخدام المتواقت للفيرابين في الأدمة وHCA في المفاصل. جميع الدراسات المقارنة للاستخدامات المتعاقبة للفيرابين والـHCA كانت في نفس الموضع بعد خمود أو استقرار رد الفعل للحقنة السابقة. لقد كنا مدركين أن المنهجية غير كافية في مثل هذه المقارنات، وهكذا حاولنا تعويض الأخطاء الناتجة عن المدة الطبيعية للمرض بزيادة عدد المشاهدات. مجمل القول أننا عالجنا بالفيرابين 284 مريضاً يعانون من أمراض روماتيزمية متنوعة.

في مجموعة مرضى روماتيزم المفاصل، اخترنا مرضى روماتيزم مفاصل كلاسيكي أو محدَّد لمعيار A.R.A وفي مراحل ودرجات وظيفية متنوعة. أغلب هؤلاء المرضى كان قد عولج إما بالذهب أو بالأدوية المضادة للملاريا، كوستيكوستيرويدات أو بالالتزام فقط بالمعايير التقليدية. في معظم هؤلاء المرضى، كان سير المرض قد استقر، وأظهرت الفعالية تردداً ضئيلاً فقط. لقد حاولنا، باستخدام الفيرابين، أن نؤثر على الأعراض الملاحظة للالتهابات الموضعية التي كانت استجابتها ضئيلة للمعالجة الجارية، أعني مفرزات خَدِرة في المفاصل والأكياس الزليلية (السائل المزلق في المفصل)، وتشوهات الثني الجديدة، خصوصاً في المفاصل الكبيرة، والآلام الدائمة في المفاصل والأنسجة الطرية معاً، إضافة إلى العقيدات الرزماتيزمية. لم تكن المعالجة العامة قد تغيرت خلال فترة المراقبة، وتم التركيز على تقدير التأثيرات بالضبط على تلك التغيرات التي كانت حاسمة في اختيار المريض للتجربة. لقد كان الحكم على تأثير الفيرابين على النشاط المجموعي فقط بالخطوط العامة التقريبية. فالتقدير الموضوعي لم يكن ممكناً، إذ أن جميع المرضى كانوا قد خضعوا في نفس الوقت لعلاجات أخرى. ولدى مرضى معينين من الذين كان رد الفعل الموضعي المعتاد مرتبطاً بتأثيرات جانبية، مثل الآلام في مفاصل أخرى وأجزاء أخرى من الجهاز العضلي العظمي، والتعب، والاحتقانات، والصداع، والغثيان أو حتى التقيؤ، والانخفاض في ضغط الدم، والبردية مع ارتفاع درجة حرارة الجسم. هذه التأثيرات الجانبية لم تُضعِف فعالية المعالجة. وفي مواضيع التحسسية، قد يثير سم النحل صدمة قوية مرتبطة بطفح جلدي عام ووذمة في المزمار، الذي يستجيب جيداً للأدرينالين وغلوكونات الكالسيوم، وبشكل أقل قليلاً لمضادات الهيستامين. وهكذا يجب التأكد مسبقاً ما إذا كان المريض قد تعرض للسعة نحلة من قبل، وماذا كان رد فعله. وبعد حقن المرضى، كانوا يجلسون لمدة 15 دقيقة على الأقل في غرفة الانتظار. وكان رد الفعل القليل أو المتوسط للجرعة، الذي يدوم لمدة يوم واحد أو يومين، قد ثبت أنه الأكثر فعالية، ولم تعتبر الاضطرابات المجموعية الصغرى عقبة شديدة. وقد ظهر أن الفترة المثالية الفاصلة بين الجرعة والجرعة التالية هي 5 – 7 أيام، وأدت الاستعمالات الأكثر تكراراً إلى ردود أفعال عامة وموضعية غير مرغوبة. وقد تضمنت هذه الدراسة حالات الربو، أو المرضى الذين يعانون من التحسس أو التهاب الجلد الدوائي، أو مرضى الصداف الحاد، أو حالات الحمّى ذات الأعراض المجموعية الملاحظة، أو الدَّنَف. وهكذا، فإنه ليس هناك مانع استعمال مطلق بالنسبة للمعالجة الموضعية بالأبيتوكسين، حتى في حالات الفعالية المجموعية المتوسطة، التي لا تصل إلى مرحلة التردّي، كقاعدة.

لقد تضمنت المراقبة الفحص بعناية بعد كل حقنة لأعراض الالتهاب، والآلام الموضوعية والذاتية، وحركة المفاصل وكمية المفرزات لدى وجودها. أُوقفت المعالجة بعد شهرين لجميع المرضى الذين كانوا قد خضعوا للمراقبة ثانية، وكانت النتيجة النهائية للمعالجة قد صُنِّفت في أربع درجات: تدل الأولى على اختفاء المشاكل بسبب أن المعالجة كانت قد بدأت منذ شهرين على الأقل. وتدل الثانية على تحسن ملاحَظ لمدة شهرين على الأقل. أما الثالثة فكانت تحسناً موقتاً بعد كل حقنة. ولم يلاحظ في الدرجة الرابعة أي تحسن على الإطلاق، أو أي تغير نحو الأسوأ. أكثر من ذلك، فقد أجرينا مقارنة بين تأثير الحقن بالفيرابين Virapin داخل الأدمة، والحقن داخل المفصل في 35 مريضاً، إضافة إلى تأثير استخدام حقن الفيرابين داخل الأدمة مع حقن مادة الهيدروكورتيزوناسيتات hydrocortisoneacetate (اختصاراً HCA) وأخيراً تأثير الاستخدام المتواقت للفيرابين في الأدمة وHCA في المفاصل. جميع الدراسات المقارنة للاستخدامات المتعاقبة للفيرابين والـHCA كانت في نفس الموضع بعد خمود أو استقرار رد الفعل للحقنة السابقة. لقد كنا مدركين أن المنهجية غير كافية في مثل هذه المقارنات، وهكذا حاولنا تعويض الأخطاء الناتجة عن المدة الطبيعية للمرض بزيادة عدد المشاهدات. مجمل القول أننا عالجنا بالفيرابين 284 مريضاً يعانون من أمراض روماتيزمية متنوعة.

من أصل 71 مريضاً، تم إحراز التحسن من الدرجتين الأولى والثانية في 19 مريضاً منهم (أقل من الثلث)، وفي نفس العدد من المرضى، لم نشاهد أي نجاح. وفي أكثر من ثلث المرضى، كان هناك تحسن، لكنه موقت، على الرغم من استخدام الكثير من الحقن. كانت أفضل استجابة للعلاج تلك الاستجابة للألم، والأسوأ بعض الشيء في استجابة الحركة، والأسوأ في المفرزات.

والملفت للنظر كان تأثير الفيرابين في المرضى الخمسة عشر الآخرين، الذين عولجوا بالحقن مباشرة في العُقيدات الروماتيزمية، فقد شوهد اختفاؤها أو تناقصها واضحاً في 14 شخصاً. قد اختفت العقيدات الحديثة التي كان عمرها أقل من شهر، غالباً بعد حقنة واحدة. لكن، حتى العقيدات الكبيرة التي يبلغ عمرها العديد من السنين، أبدت صغراً ملاحظاً في الحجم أيضاً.

لدى مقارنة الفيرابين مع الـHCA، شوهد أفضل تأثير للأخير في حوالى نصف الحالات، وكان أفضل تأثير للفيرابين في حوالى ربع الحالات. ولدى مقارنة الـHVA وحده مع استخدام الـHVA مع الفيرابين في نفس الوقت، كان تأثيرهما الجيد معاً مضاعفاً أربع مرات عما هي الحال مع الـHVA وحده.

نشر هذا الموضوع في مجلة “مملكة النحل”، العدد الرابع.

Comments are disabled