النباتات البصلية

تعتبر هولندا أكبر حديقة أبصال في العالم، إذ يعود الاهتمام بزراعة الأبصال إلى القرن السادس عشر، واليوم يعرض الهولنديون أكثر من ثمانمئة صنف من التوليب، وخمسمئة صنف من النرجس، وعشرات الأصناف من حوالى أربعين نوعاً من نباتات الأبصال.

ما هي الأبصال؟

البصلة جزء متضخم من النبات لتخزين الماء والغذاء، ينمو منه ساق إلى الأعلى وجذر إلى الأسفل لدى زراعته. لكن هذا التعريف لا يخبرنا إن كان هذا الجزء من الساق أم من الجذر!

  • البصلة الحقيقية:

هي ساق قصيرة تحت سطح الأرض، تنمو فوق اللوحة القاعدية، تحيط بها أوراق لحمية لحماية الجنين النباتي، وتخزين الغذاء لاستاخدامه لدى عودة النمو، وعادة ما تغطى البصلة بورقة جافة رقيقة. وفي بصلة النرجس، تلف البصلة من أسفل ومن حولها ورقة قاعدية سميكة.

تتشكل عادةً أبصال جديدة صغيرة تدعى “البُصيلات” من البراعم الجانبية على اللوحة القاعدية، وقد تموت البصلة الأم. كذلك يمكن أن تقسم البصلة إلى أجزاء تنبت كما لو كانت أبصالاً كاملة، كما يمكن لبعض البصيلات أن تتشكل في محاور الآوراق والأزهار والسوق. وتعطي البصيلة عندما يكون عمرها عاماً إزهاراً صغيراً.

  • الكورمة:

هي ساق تحت التربة لتخزين الغذاء أيضاً لكن شكلها مفلطح، وعرضها أكبر من ارتفاعها، مغطاة بورقة ميتة أو أكثر، ولها لوحة قاعدية، والغذاء فيها مخزّن في أنسجة صلبة. تتشكل الكورمات الجديدة من البرعم المحوري في قمة الكورمة القديمة خلال فصل النمو.

وبينما تتشكل كورمة أو أكثر، تتشكل كورمات صغيرة تدعى “كُرَيمات” من البرعم المحوري في قمة الكورمة القديمة. تأخذ الكريمات مدة سنتين أو ثلاث حتى تزهر، لكن الكورمات القديمة تزهر في العام التالي.

  • الدرنة:

هي ساق قصيرة سميكة تحت سطح التربة لتخزين الغذاء أيضاً، مفلطحة وغير منتظمة الشكل، ولا تزحف مثل الريزوم، ولها نتوءات أو “نُدَب” تدعى العيون، وهي براعم نمو تتوسط العين. إذا قسِّمت الدرنة إلى أجزاء عدة، يعطي كل جزء نباتاً، على أن يحتوي على عين واحدة على الأقل.

  • الجذور الدرنية:

هي جذور حقيقية تخزن الغذاء في مناطق على طولها، لا تحمل أية براعم نمو على هذه الدرنلت، ويمكن تقطيعها بحيث تحتوي القطع على جزء من الساق القديمة حيث يحدث النمو.

  • الرايزوم:

ساق سميكة لتخزين الغذاء تمتد أفقياً تحت سطح التربة. تنمو الأوراق والجذور والأزهار من براعم الرايزوم الذي يحتوي على براعم نمو تعطي نباتات جديدة.

متطلبات النبات البصلي:

يبدأ نمو الجذور بعد زراعة البصلة، ومن الممكن أن يصل عمق هذه الجذور إلى مسافة تعادل طول البصلة مرتين أو أكثر. وفي بعض الأنواع، كالزنابق والأمريلس، تكون الجذور نامية عند زراعة البصلة، لذلك يجب أن تكون التربة تحت البصلة نفوذة غير قاسية، خالية من كدر الطين. فالتربة الخفيفة الجيدة الصرف مثالية لزراعة جميع أنواع النباتات البصلية، لأنها تسمح للجذور بالانتشار، وتاحتفظ بكمية معقولة من الماء والعناصر اللازمة للنمو..

يمكن تحسين التربة الطينية الثقيلة بإضافة 25% من السماد العضوي والرمل النهري. وبنفس الطريقة تحسَّن التربة الرملية التي لا تحتفظ بالماء بإضافة السماد العضوي بنسلة 30%، أو نشارة الخشب، أو نخالة القمح، كما يمكن التعويض عن فقر هذه التربة بالعناصر الغذائية، عن طريق إضافة السماد الكيميائي، خاصة الفوسفور.

إذا احتوت تربة الحديقة على السماد العضوي، لا حاجة لإضافة السماد الكيميائي، لكن نهيئة البصلة لإزهار جيد في العام المقبل، يضاف بعض السماد الكيميائي المركب قبل اإزهار، ثم بعد الإزهار على أن تقل نسبة الآزوت فيه.

يستخدم السماد الفوسفوري دائماً في منطقة الجذور تحت سطح التربة، على شكل سوبرفوسفات أو طحين العظام قبل زراعة الأبصال، وفي السنوات التالية يضاف الفوسفور على السطح، ثم تثار التربة لعمق الزراعة.

باختبار بسيط يمكن معرفة صرف تربة الحديقة، وذلك بعمل حفرة 30×30×30 سم، وملئها بالماء. فإذا صرفت الماء خلال ساعة من الزمن كانت التربة جيدة الصرف، وإذا استغرقت أكثر كانت ثقيلة، وإذا استغرقت مدة أقل كانت خفيفة.

زراعة الأبصال:

يفضل زراعة الأبصال بعد شرائها مباشرة دون تأخير، لكن إذا كان الوقت حاراً وجب تخزين أبصال التوليب والنرجس في أماكن باردة حتى زوال الحر. لكن أبصال الزنبق فلا تدخل طور سكون، وبالتالي تُزرع دون تأخير بسبب حساسيتها للجفاف الخاجي، ولتخزينها يجب وضعها في مادة واقية من الجفاف، كالبيتموس أو نشارة الخشب، ووضعها في مكان بارد مظلم مهوّى.

عمق الزراعة مرهون بحجم البصلة ونوعية التربة، وكقاعدة، كلما كبرت البصلة كلما ازداد العمق المطلوب لزراعتها، والعكس صحيح. وفي التربة الثقيلة يكون العمق أقل، ويزداد في التربة الخفيفة.

إذا كان التنسيق يتطلب زراعة أبصال ونباتات أخرى، تُزرع الأبصال أولاً، وبعد أن تنبت نزرع الأنواع الأخرى، وإذا لم نستطع الانتظار، يفضل تعليم مكان زراعة الأبصال، لأن المدة التي تستغرقها الأبصال حتى تنمو تأخذ أياماً، وحتى أسابيع.

الري:

تتطلب الجذور الماء أكثر من السطح، وبمجرد بدء النمو يجب الري بانتظام، إلا إذا حدث هطول. وبعد انتهاء الإزهار يجب الاستمرار بالري حتى تصبح الأوراق صفراء بشكل طبيعي، لهدف اكتمال نمو الأبصال.

العناية بالأزهار:

لا تقطع الأوراق من البصلة بعد انتهاء الإزهار حتى تجف طبيعياً، فالغذاء في الأوراق يجب أن يعود إلى البصلة من أجل إزهار العام المقبل، وبالطبع يجب استمرار الري كما ذكرنا.

بعد انتهاء الإزهار واصفرار الأوراق، ضمّ الأوراق واربطها من أعلى مع بعضها برباط مطاطي. ويمكن زراعة بعض الحوليات بين النباتات البصلية المنتهية، بذلك تستفيد من الماء والغذاء المعطى لها. بعد ذلك يمكن اقتلاع الأوراق من أبصالها بالشد اللطيف.

يمكن اقتلاع الأبصال قبل نضج أوراقها اضطراراً، بلطف ومع المحافظة على الجذور، على أن تُطمَر ثانية في مكان آخر حتى تتم نضجها.

حاول ألا تجرح الأبصال لكي لا تعرضها للمرض، وأفضل طريقة لاقتلاعها استخدام الشوكة. وإذا جرح بعض الأبصال سارع إلى ذر بعض الكبريت على الجرح، مع العلم أن هناك مساحيق محضرة خصوصاً لهذا الغرض.

تخزين الأبصال:

تجفف الأبصال في بقعة مظللة ومهوّاة لمدة أسبوع بعد اقتلاعها، ويصبح من السهل إزالة ما علق بها. تعفّر بمبيد فطري للوقاية، ثم تحفظ في أكياس من الخيش تحتوي على القش الجاف أو البيتموس الجاف لكي لا يلامس بعضها البعض الآخر. وكقاعدة، تخزن الأبصال في مكان بارد لا تزيد درجة حرارته عن 9 درجات مئوية، ويفضل أن تتراوح بين 5 و7 درجات.

الإكثار:

يمكن إكثار النباتات البصلية بالبذرة أو بتقسيم البصلة، ويستخدم المربون التجاريون الطريقتين، بالبذور للحصول على أصناف جديدة، وبالأبصال للمحافظة على الصنف.

عاماً بعد عام، تصل البصلة إلى حجمها الأعظمي، وتعطي البصيلات التي يمكن أن تزرع بعد فصلها. أما الكورمات فتزول في نهاية كل موسم، لكنها تترك محلها واحدة أو أكثر من الكورمات الجديدة. ويمكن تقطيع الدرنات والجذور الدرنية والرايزومات، وزراعتها أيضاً، لكن يجب ترك عين أو جزء من الساق القديمة في كل قطعة لكي تعطي نباتاً جديداً.

الأبصال في الإصص:

تستخدم الأصص لزراعة الأبصال لأنها قابلة للنقل من مكان إلى آخر. يمكن لبعض الأنواع الاستمرار في الأصيص من عام إلى عام، وتحتاج عندئذ إلى بعض الخدمة للتربة. لكن هناك نباتات بصلية تنمى في الأصص لموسم واحد، ومنها الزعفران والنرجس والسوسن والفريزيا والهياسنت والتوايب، ويمكن زراعتها في الداخل خلال الطقس البارد، ثم نقلها للحديقة خارجاً.

البيئة التي تستخدم في الأصص تتألف من أجزاء متساوية من الألياف والتربة الخصبة الحاوية على المواد العضوية، والرمل الخشن، ومادة عضوية متحللة مثل البيتموس. ويفضل أن تكون ضحلة، وكما توضع قطعة من الفخار على فتحة صرف الأصيص، ثم يوضع خليط التربة، ثم تزرع الأبصال متلاصقة، بحيث تكون قممها مع مستوى التربة أو أعلى قليلاً، وبحيث تبعد عن الحواف 2 – 3 سم، ويفضل اختيار الأبصال الكبيرة الحجم دائماً.

تعرَّض الأصص للمزيد من الإضاءة تدريجياً حتى يصبح لون الأوراق أخضر غامقاً. ويجب المحافظة على رطوبة التربة حتى اكتمال اصفرار الأوراق نهاية الموسم. وفي حالة الزنبق، تزرع بصلة واحدة في كل أصيص مناسب الحجم، وترتفع التربة حوالى 2.5 سم فوق البصلة، وتروى، وتوضع في مكان دافئ إذا كان الطقس بارداً.

المهندس دريد نوايا

(نشر في نشرة معرض الزهور – دمشق 2008)

Comments are disabled