تجهيزات النحالة

إن أي مناقشة، أو حديث عن تجهيزات النحالة ستكون عاجزة إذا لم تأخذ في اعتبارها أمرين أساسيين:
× أن النحل هو الذي سيعيش فيها ويجب أن يتقبلها.
× السهولة في استخدامها من قِبَل النحال.
يمكن للنحل أن يقتنى وينجح في أي منطقة من العالم تقريباً، وفي أي ظروف استثنائية من الحر الشديد والبرد القارس، مع حد أدنى من توفر الغطاء النباتي، لكنه لن يقبل الاستثناء أو التدريب بشكل كامل. فالكلب مثلاً يطيع سيده على الدوام لأنه ارتضاه سيداً، واعتمد عليه في الطعام والمأوى، وتولدت بينهما درجات متنوعة من التأثير المتبادل والشراكة، بينما لا تعطي النحلة ولا تأخذ مثل هذه الامتيازات، مع استقلالها.
لقد أشار معظم البحوث إلى أن سلوك النحل محكوم بعدة عوامل، كمراحل التطور، والتركيب الوراثي، والحاثات الداخلية والخارجية للجسم. لكن صفات كالذكاء والتفكير والقدرة على اتخاذ القرار، كما نعرفها نحن، ليست مميزة، إن هي وجدت بالأصل.
لنبسط الأمر: إذا وجد النحل أن الطعام والإمدادات والتجهيزات التي صنعها الإنسان في متناوله، سيستخدمها غالباً. فإذا لم يجدها، اعتمد على دوافعه الفطرية، وجعل الموقع الذي يعيش فيه أفضل ما يمكن، سواء كان ذلك يعني شيئاً بالنسبة لنا أم لا.
يحفل تاريخ النحالة بالتجهيزات التي رفضها النحل والنحال، وهكذا كان الإبداع في هذه التجهيزات مرهوناً بحكم النحل في النهاية. والتجهيزات والأدوات التي سنوردها ونصفها في هذا الفصل، نالت الرضا والاستحسان، واعتبرت بالتجربة تجهيزات قياسية.
الخلية:
تمنح الخلية الجيدة النحال السيطرة التامة على الأقراص، التي هي في موقع القلب من عمله. ولكي نقلل الازدحام، ونمنع التطريد، أو نقلله إلى حده الأدنى، يجب أن تكون الخلية ذات اتساع كاف يناسب الملكة البيوض وجميع حضنتها، وبحيث يسـتطيع النحل العيش والعمل وتربية
الحضنة فيها، وتخزين الفائض من طعامه: الطلع والعسل.
تعني النحالة الناجحة التعامل السهل مع الأطر الحاوية على الحضنة، والأطر الحاوية على العسل الفائض فوقها، حيث يحتاج النحل إليها، ولبناء بدائله. إنه فائض العسل الذي يقطفه النحال و يبيعه.
يمكن إخراج الأطر القابلة للإخراج والإدخال من الخلية وإليها، وذلك بقصد فحصها أو استبدالها، أو نقلها إلى خلايا أخرى، دون إزعاج النحل كثيراً. كما يمكن استخراج العسل من الأطر الحاوية عليه، وتفريغها منه دون أن نسبب الأذى لها، ومن ثم إعادتها إلى الخلية ليقوم النحل بملئها من جديد، وهذا ما يوفر على النحل عناء بناء أطر جديدة. يمكن العثور على الملكة وفحصها، واستبدالها عند اللزوم. كما يمكن الحصول على طوائف جديدة عن طريق تقسيمها. ويمكن تقوية الطوائف الضعيفة بإعطائها إطاراً أو اثنين من الحضنة، من خلية قوية، أو تغذيتها بوضع إطار من العسل والطلع من خلية سليمة لديها فائض. باختصار: تجعل الأطرُ القابلة للتداول النحالَ قادراً على ضبط حالة النحل، والتحكم في قوة طوائفه.
عناصر الخلية:
المهبط hive stand: تحتاج النحلة إلى مهبط يميل بزاوية، باعتبارها حشرة طائرة، لتحط عليه وهي عائدة إلى الخلية، محملة بالرحيق أو الطلع. يصنع المهبط من خشب السرو المتين عادة، والوظيفة الأساسية له هي المحافظة على الخلية بعيدة عن الأرض المبتلة، وعلى الأقراص وعنقود النحل جافةً خلال الشتاء.
القاعدة bottom board: تعمل القاعدة كأرضية للخلية، وتزود بوسيلة
تدعى “مصغر المدخل entrance reducer ” يمكن من خلالها التحكم بمدخل الخلية من حيث الاتساع والضيق، وهي عبارة عن قطعة من الخشب، محفورة بشكل ضحل من أحد أوجهها لتكون المدخل الشتوي للخلية، وبشكل عميق من وجه أخر لتزيد من كفاءة التهوية، وكمدخل صيفي.
جسم الخلية hive body : وهو عبارة عن صندوق متوازي المستطيلات تعشقت ألواحه من الزوايا ليقاوم عوامل الطقس والتعامل به، مجهز من الداخل لتعليق الأطر القابلة للتداول داخله. إن أفضل صندوق، من حيث الحجم، ما كان قياسياً، ويحتوي على عشرة أطر من خلية لانغستروث. وأولى ميزاته أن جميع أجزائه قياسية، ويمكن استبدالها بأخرى من نفس القياس بسهولة، وهذا ما يجب أخذه في الاعتبار للمستقبل. يدعى جسم الخلية بأسماء مختلفة حسب الغرض من استخدامه، فيسمى العش (أو الحاضنة) حين يستخدم للحضنة، ويدعى العاسلة إذا خزنت فيه أطر العسل، كما يسمى أيضاً الصندوق، أو الصندوق الكامل العمق.
يدعى الصندوق الأول الذي يوضع على القاعدة “غرفة الحضنة”، أو “عش الحضنة”، أو “الحاضنة”، حيث تقوم الملكة بوضع البيض في نخاريب أطره، ويقضي النحل مراحل تطوره فيه حتى يصل إلى الطور الكامل. ينصح باستخدام صندوقين للحضنة لكل طائفة، فيوضع الثاني على الأول حين تمتلئ أطر الصندوق الأول كاملة تقريباً بالحضنة. وبالنسبة للمبتدئين، ينصح بوضع الصندوق الثاني حين تمتلئ الأطر السبعة أو الثمانية الأولى من الصندوق الأول بالحضنة. بعد ذلك، سيقرر النحال ذلك بالاعتماد على خبرته. وإذا امتلأ الصندوق الثاني حتى المنتصف، يكون الوقت قد حان لاستخدام الصناديق الضحلة، التي سيقوم النحل باستخدامها لتخزين العسل في أطرها.
حاجز الملكة queen excluder: يبدو حاجز الملكة وكأنه مشواة أخذت من فرن. يوضع لدى استخدامه بين صندوق الحضنة (الحاضنة) وبين الصندوق الأعلى، وتشير بنيته إلى اسمه والغرض من استخدامه معاً. فهو يمنع الملكة من الصعود نحو الأعلى حيث يخزن العسل، ويسمح للشغالات، في الوقت نفسه، بالمرور السهل بالاتجاهين، وبذلك لا تضع الملكة البيض إلا في الحاضنة، ويبقى الطابق العلوي خالياً من الحضنة وغبار الطلع.
الصناديق supers: هي صناديق موحدة الأبعاد من الخارج، لكن أعماقها (ارتفاعاتها) يمكن أن تختلف حسب الهدف منها، وسهولة تداولها، وطريقة الإنتاج المناسبة للتسويق:
صندوق كامل العمق full-depth super: تستخدم فيه الأطر ذات العمق 8/1 9 بوصات (23,18 سم)، ويمكن استخدامه للحصول على العسل المفروز. ميزة هذا الصندوق أن الكثير من النحالين، خاصة الذين يعملون بكميات تجارية، يتعاملون بكفاءة، بأحجام قياسية موحدة قابلة للتبديل السريع، إذ تكون صناديق الحضنة والعاسلات نفسها. أما سيئتها فهي زيادة وزن الخلية، إذ يبلغ وزن الصندوق حوالي 40 كغ حين تمتلئ الأطر بالعسل. وهذا ما يسبب صعوبة في التعامل معها، لدى العمل بالقطف والفرز وغيرهما، لدى بعض النحالين.
صندوق دادانت ذو العمق 8/5 6 بوصات (16,8سـم): يدعى أيـضاً”
الصندوق الضحل”، ويستخدم بشـكل رئيسـي لإنتاج العسـل السـائل
(المفروز)، وتستخدم لذلك أطر من قياس 4/1 6 بوصات (16سم).
× الصندوق الضحل 16/11 5 بوصات ( 14,5 سم): تستخدم فيه أطر ذات قياس 8/3 5 (13,7 سم) لإنتاج العسل بشهده، بكميات كبيرة، إضافة لإنتاج العسل السائل.
× صندوق عسل الأقراص ذو العمق 16/13 4 بوصات (12,25سم): تستخدم فيه أطر ذات قياس 2/1 4 بوصات (11,5 سم) لإنتاج العسل بشهده بكميات كبيرة، أو لحمل 28 مقطعاً ذا قياس (10,8 × 10.8 × 7.3 سم) لإنتاج مقاطع العسل. يتطلب هذا الإنتاج مهارة خاصة، وتجهيزات إضافية، كحوامل المقاطع، والفواصل، ونوابض الصندوق..تباع مثل هذه التجهيزات في محلات بيع لوازم النحالة.
يمكن لجميع أنواع الصناديق التي ذكرت أن تستخدم في نفس الخلية، وهذا ما يحدده نوع الإنتـاج المطلوب. فكل هـذه الأحجـام
مرضية للنحل إذا استخدمت بالطريقة المناسبة.
ومن الممكن أن يستخدم كل حجم ونموذج من الصناديق لأغراض متنوعة من التداول، وطريقة الإدارة.
الغطاء الداخلي inner cover:هو غطاء مستطيل يصنع عادة من المازونيت المحاط بغطاء، ويوضع تحت الغطاء العلوي للخلية، وفوق الصندوق العلوي. لهذا الغطاء فتحة مستطيلة في الوسط ذات نهايتين مستديرتين، قد تجهز بصارف نحل.
صارف النحل bee escape: من الأدوات العملية في ممارسة النحالة، ويعمل ببطء. وهو عبارة عن جهاز معدني مؤلف من قطعتين تنـزلقان على بعضهما كعلبة الكبريت. ففي الداخل، يشبه صارف النحل شبكة صيد السمك في عملها، فيدخل النحلُ الصارفَ عبر فتحة أخرى، إذ أن هذه الأشواك تسمح للنحل بالتقدم نحو فتحة الخروج، ولا تسمح له بالعودة.
إذا استخدم صارف النحل لتفريغ العاسلات من العسل، يوضع في الفتحة المركزية للغطاء الداخلي، الذي يوضع بدوره تحت الصندوق (أو الصناديق) المراد تفريغه ( أو تفريغها) من العسل. بذلك يصبح النحل في صندوق الحضنة دون أن يتمكن من العودة إلى العاسلة. ولدى رفع الصناديق مساء، ووضع صارف النحل تحتها، ستفرغ العاسلات من النحل في صباح اليوم التالي، إلا من عدد قليل من النحل يبقى فيها.
من ميزات استخدام صارف النحل أنه يبعد النحل عن العسل دون التعامل المباشر معه. أما سيئاته فهي الوقت المهدور في الذهاب إلى المنحل مرتين بدلاً من مرة واحدة، مرة لوضعه، ومرة أخرى للعمل. والسيئة الثانية، أن النحل السارق قد يكتشف العسل غير المحروس من قبل النحل، إذا لم تكن العاسلة فوق صارف النحل محكمة تماماً، فيسبق النحال، ويسرق العسل.
الغطاء العلوي telescoping cover: هو سطح الخلية، وهو عبارة عن إطار خشبي مغطى بصفيحة معدنية لحماية إضافية من عوامل الطقس. تغطي حواف الغطاء العلوي كامل الغطاء الداخلي وأعلى الصندوق العلوي، لحماية الخلية من ماء المطر، وتوازنها أمام الرياح.
إن جميع ما ذكرناه متوفر لدى باعة أدوات النحل، وعلى النحال أن يختار لوازمه منها حسب نوع إنتاجه. أما الأساسيات التي يجب أن يضعها نصب عينيه فهي:
– أن تكون أدواته قياسية، بحيث يستطيع تبديل أي قطعة مستهلكة بأخرى من نفس القياس دون الحاجة لتفصيلها أو تعطيل الخلية.
– حماية الأجزاء المعرضة من الخلية، وذلك بطلائها بمادة جيدة لحماية الخشب، والاحتفاظ بدرجة حرارة مناسبة داخل الخلية.
الأطر:
تستخدم عادة أطر هوفمان Hoffman التي تحافظ تلقائياً على المسافة النحلية في ما بينها. وهي مناسبة، بشكل خاص للمبتدئين من النحالين، لعدم إمكانية حدوث خطأ في وضع عدد زائد أو عدد ناقص، منها في الخلية. تبعد الأطر الحاوية على أقراص الشمع، والموضوعة في الحاضنة من 29 إلى 38 مم، وذلك من المركز إلى المركز. فإذا نقصت هذه المسافة أو زادت عن هذا الحد المطلوب، كانت الأقراص رقيقة وغير تامة، أو ربما قام النحل ببناء قرصين على نفس الداعم، مسبباً ترتيباً فوضوياً غير مرغوب. يفضل بعض النحالين تعليق الأطر غير محصورة بعضها ببعض، بسبب زيادة السهولة في التعامل معها في سحبها من الصندوق وإعادتها إليه. والأمر الأهم في الأطر القابلة للنـزع والإعادة هو أن يتم بناء القرص في الإطار مستقيماً مستوياً.
تصنع جميع الأطر لتجمل شمع الأساس على عوارضها العليا، وذلك باستخدام أوتاد تثبت بسرعة، أو أخاديد يتم تثبيت شمع الأساس داخلها.
شمع الأساس:
هي رقائق شمع العسل التي صنعت على القاعدة التي اكتشفها ج. ميرينغ (J . Mehring) في ألمانيا، إذ تطبع على الصفيحة الرقيقة من الشمع عيون سداسية مختلفة الأحجام، لتناسب الإنتاج المتنوع من العسل. ولا مجال هنا لدراسة جميع نماذج شمع الأساس، لكن كتالوجات منتجي شمع الأساس تسمح بالإطلاع عليها، وانتقاء ما يناسب منها.
كقاعدة عامة، يستخدم الوزن في التعامل بشمع الأساس، ويقاس بعدد الألواح الممكن صناعتها من وحدة الوزن (رطل، كيلوغرام). فالشمع الذي سيستخدم في الحاضنات، وفي العاسلات الكاملة العمق يكون أثقل من الذي يستخدم لإنتاج مقاطع العسل. ولزيادة قوة الأقراص المستخدمة في الحاضنة أو لإنتاج العسل السائل، والتي ستستخدم مرات عديدة، تقوم المصانع بتقوية شمع أساسها بعدة طرق. فقد قامت شركة دادانت وأولاده عام 1921 بتقوية ألواح هذا الشمع بالأسلاك العمودية المتموجة، آلياً. وهي أقوى من الأسلاك المستقيمة، لأن هذه التموجات تدخل في الشمع، وتمنعه من الانزلاق على الأسلاك عندما يصبح أطرى لدى ارتفاع درجة الحرارة. يمكن لتسعة أو عشرة أسلاك متعرجة أن تمنع انزلاق أو تدلي لوح الشمع. كما يمكن لسلكين إلى أربعة أسلاك أفقية أن تمنع الشمع من التدلي من الإطار. هذا التسليك يمنع أي حركة للشمع على الإطار، ويسهل التعامل معه، ويمكنه من حمل العسل مهما كان ثقيلاً، ويجعل عملية تفريغه من العسل في الفراز عملاً سهلاً مهما كان التعامل معه قاسياً.
في العام 1963 أدخلت شركة دادانت وأولاده مفهوماً جديداً في الأساس المدعم، وذلك بإدخال قاعدة بلاستيكية لاقت رواجاً وشعبية واسعة، إذ جعلت شمع الأساس طبقتين، بينهما رقاقة من البلاستيك، وقد طبع الوجهان بالعيون السداسية، ولاقى هذا العمل قبولاً من النحل، ودعي duracomb (القرص المتين)، أو duragill (المذهب المتين)، ذا الشرائط المعدنية على طول كل من النهايتين القصيرتين، وهذا ما جعل هذا الأساس طويل العمر تحت الاستخدام النظامي.
يكون الأساس المستخدم لإنتاج أقراص العسل الكبيرة أرق من ذلك المستخدم لأطر الحضنة، والأطر التي ستتعرض للفرز. وألواح الأساس المستخدمة لإنتاج عسل الأقراص العادي تكون أرق ما يمكن لتجنب وضع دعامة وسطية ثقيلة. لقد استخدم أفضل شمع النحل، وأفتحه لوناً لأقراص الشمع، لتبدو في أحسن مظهر، وهذا أمر في غاية الأهمية من الناحية التسويقية. وبالمقارنة، يمكن استخدام الشمع الغامق لصناعة أساسات أطر الحضنة ويمكن الحصول على هذا الشمع من إذابة الأقراص القديمة، وكشط الأطر الخشبية.
مهما كان مصدر الشمع يجب تكريره حتى يصبح خالياً من الشوائب
لسببين: الأول أن النحل يبدي تفضيلاً لا جدال فيه لشمع النحل النقي، وربما يرفض أي شمع آخر. وقد يكون السبب الثاني أكثر أهمية، وهو أن أكثر استخدامات شمع النحل تكون في غير شمع الأساس، كالشموع، ومواد التجميل، والمنتجات الصيدلانية والصناعية. لذلك يجب أن يكون نقياً بالصورة المطلقة.
هناك ثلاثة أسباب تدعونا لاستخدام شمع الأساس للنحل: الأول أن إنتاج النحل للشمع يكلفه ما يعادل ثمانية أضعاف ما يكلفه إنتاج نفس الوزن من العسل، وإن أي توفير في جهد النحل ووقته، سيستفيد منه النحل والنحال.
السبب الثاني، الذي لا يقل أهمية عن الأول، أنه يعطي النحل دليلاً لما عليه أن يعمل، بسبب طبع الشكل السداسي بالقياس المطلوب.
لقد تم استباط أدلة مختلفة الأنواع لإجبار النحل على البدء بالبناء من مركز الإطار أو المقطع. وعلى الرغم من كل الجهود، غالباً ما تتموج الأقراص أو تلتوي أو تتأثر بطريقة ما، لكن استخدام شمع الأساس يجعل بناء الأقراص في الأطر أو المقاطع نظامياً متماثلاً فيها جميعاً، وهذا السبب وحده كافٍ ليعادل قيمة شمع الأساس.
السـبب الثالث الهام أيضاً أن النحل يبني حوالي 10% من الأقراص
لحضنة الذكور بشكل طبيعي. وهذا ضروري في الظروف الطبيعية، حيث تكون الطوائف بعيدة، بعضها عن البعض الآخر، وتحتاج الملكات في طيران التزاوج للقاء الذكور بسهولة. ولأن عدداً قليلاً من الذكور فقط يكون كافياً لتلقيح الملكة عملياً، فإن عدد الذكور من طائفة ممتازة يكون كافياً لحوالى خمسين طائفة أو أكثر، في منحل واحد. لذلك ننصح بالعمل دون تردد، بما يمكن من أقراص الذكور، وباستخدام شمع أساس ذي قواعد نخاريب الشغالات، تستبدل مساحة واسعة من قرص الذكور بقواعد نخاريب شغالات . سيكون هناك، وبشكل دائم، المزيد من الذكور في زوايا الأطر، وفي النخاريب الموسعة عرضياَ.
يجب أن نتذكر أن الذكور لا تعمل في الخلية، وإن ما يتم توفيره سنوياً من تجنب تربية حشد لا نفع منه، وذلك من خلال استخدام شمع أساس الشغالات، يكفي لتعويض القيمة النهائية لشمع الأساس.
حالما تم تأسيس نموذج معين مرغوب من العسل، يتم تركيب شمع الأساس اللازم له على الإطار، ويعطى للنحل، فيقوم النحل بسحب (مط) هذه القواعد إلى نخاريب كاملة، بإضافة شمع يقوم بإنتاجه، بحيث يصبح في النهاية ما يسمى بـ”القرص”، سواء استخدام للحضنة أم لجمع العسل.
النخروب سداسي الشكل، وله ثلاثة أشكال شبيهة بالمعين، وذات أربع وجوه كقاعدة، وتمثل الذروة في البناء الاقتصادي، وله متانة وسعة مدهشتان، ويشغل أقل حجم من أي بناء. وفي نفس الوقت تستهلك أقل ما يمكن من الجهود والشمع لدى بنائه، من أي شكل محتمل آخر. وبمقياس اقتصادي أبعد، ستستخدم القاعدة في شمع الأساس من وجهيها، وهذا يعني أن كلاً من وجوه شبه المعين سيكون لقاعدة نخروب واحد، ستؤمن ثلث قاعدة النخروب المسحوب على الوجه المقابل لشمع الأساس. والمظهر النهائي لهذه البنية الرائعة، أن جدران النخروب المسحوب بشكل كامل تتجه نحو الأعلى، كما هو معلق في الإطار داخل الخلية، وبذلك لا يسيل العسل المخزن.
تجهيزات النحال
ما تحدثنا عنه في هذا الفصل حتى الآن كان حول التجهيزات الضرورية المتعلقة بالنحل. لكن هناك تجهيزات أخرى ضرورية تتعلق بالنحل. وهناك تجهيزات أخرى ضرورية تتعلق بالنحال المبتدئ خصوصاً. فبينما نجد نحالين يتعاملون مع نحلهم دون قناع أو مدخن أو قفازات، ويرتدون أي لباس، من البذلة العادية إلى البنطال اٍلقصير (الشورت). فهؤلاء غالباً نحالون متمرسون، وليسوا مبتدئين. لكننا نشدد ونؤكد على ضرورة ارتداء الملابس الواقية من لسع النحل، واستخدام الأدوات اللازمة للتعامل معه. أما أسلوب الإدارة الشخصي، والتعامل الخاص مع النحل، فهذا ما يجب أن يؤسس فقط على الخبرة الشخصية.
النحلة حشرة لاسعة، ومع أنها تفقد حياتها بعد أن تلسع، ولا تتردد في ذلك إذا ما استثيرت بشكل كاف. إن لسعة واحدة تسبب للنحال حكاكاً مزعجاً، كما تسبب الموت للنحلة. لقد صممت هذه الأدوات والأشياء لتقي كلاً من النحال والنحلة شر اللسع.
الثياب الفاتحة اللون، ويفضل البيضاء، هي الأفضل للنحـال. يجب
عدم ارتداء الثياب السوداء اللون أو الصوفية في المنحل. فالصوف نسيج حيواني المنشأ، لكن القطن نباتي، ويشابه سوق النباتات التي يمتص النحل منها غذاءه. فالنحال الذي يرتدي ثياباً قطنية بيضاء، أو زوجاً من المآزر الرقيقة بأكمام مرفوعة حتى المرفقين، هو أكثر أماناً من اللسع، مقارنة مع رجل آخر يرتدي ثياباً سميكة صوفية. وكذلك بالنسبة لغطاء الرأس، إذ تثير القبعات الصوفية النحل، بينما القبعات القطنية أفضل بكثير، بالنسبة للتعامل مع النحل.
من الضروري أن يرتدي النحال المبتدئ زوجاً من القفازات ذات الأكمام الطويلة، والمصنوعة من القنب، والمغطاة بالبلاستيك. أو الجلدية، ومن الممكن شراؤها من محلات بيع لوازم النحل. يجب استخدام القفازات حتى يصبح العمل مألوفاً للنحال، ويزول الخوف. وبعد ذلك تكون القفازات غير ضرورية، فهي مزعجة في أحسن الأحوال، والنحال المتقدم يريد الحرية التامة ليديه في جميع الأوقات.
يستخدم القناع لحماية الوجه والعنق من اللسع، وتتوفر عدة نماذج من الأقنعة في السوق. يجب أن يكون القناع قادراً على حماية وجه النحال من الريح والغصينات، ويتم ارتداء القناع على قبعة خفيفة وقوية.
المدخن (smoker): من أهم الأدوات التي يستخدمها النحال، وهو متوفر في محلات بيع أدوات و لوازم النحل. وربما كان أبسط وصف له أنه مدفأة صغيرة تحمل باليد، تحتوي على وقود يتوهج ويدخن دون لهب، ومجهزة بمنفاخ لحقن الهواء في بيت النار، فيعطي دفعات قصيرة من الدخان من فوهته. يمكن استخدام الكرتون المتموج أو الخيش أو الخشب المهترىء جزئياً كوقود للمدخن. والدخان المفضل للنحل هو الدخان الكثيف نسبياً والبارد.
يستخدم المدخن لتهدئة النحل لأنه يهدده، فيملأ بطونه بالعسل متهيئاً للطيران بسبب الخطر الذي يشعر به. فالنحل كالإنسان، أكثر قابلية
للانقياد والطاعة حين تكون معدته متخمة، منها حين تكون فارغة.
إن التدخين مرة أو مرتين بدخان كثيف عند مدخل الخلية، يتبعها أيضاً التدخين مرتين فوق أطر الخلية، بعد إزالة الغطاء العلوي أو العاسلة، تساعد كثيراً في المحافظة على هدوء النحل، وسهولة التعامل مع الطائفة، وتجنب اللسع. استخدم الحد الأدنى من التدخين لمجرد تهدئة الطائفة، ولمرة أو مرتين فقط خلال فحص الخلية، وعند الحاجة فقط. فالتدخين الزائد، أو الحرارة الزائدة، تجعل النحل يخرج ويتجمع أمام الخلية، ويطير حولها في الهواء.
العتلة (أداة الخلية) hive tool:
هي أداة رخيصة الثمن، لكنها ضرورية جداً، فهي متعددة الاستعمالات، ويمكن استخدامها لخلع المسامير، ورفع الغطاء الخارجي والداخلي، كما تساعد في رفع الصناديق والأطر، وغيرها كثير من الاستخدامات. إنها ضرورية لفصل الصناديق والأطر بعضها عن بعض، لأن النحل يقوم بلصقها باستخدام مادة البروبوليس (العكبر). كذلك، فإنها أداة قيمة في كشط النخاريب الزائدة التي يبنيها النحل بين الأطر، أو بين الصناديق، في حال احتشاد الخلية بالنحل.
فرشاة النحل bee brush:
تتميز هذه الفرشاة بشعرها الطويل المصنوع من الألياف أو البلاستيك. وهي أداةمثالية لإبعاد النحل عن الثياب، وأجزاء الخلية، وأطر الحضنة أو العسل.
فالألياف النباتية تثير النحل بدرجة أقل مما تفعله الألياف الحيوانية،والمنتجات الحيوانية الأصل. والألياف الناعمة الطرية تقي النحل الأذى الذي يمكن أن تسببه الألياف الخشنة.
ولأن العمل مستمر وجارٍ، قد يرغب النحال بشـراء منفاخ النحـل،
وهو عبارة عن محرك (موتور) يولد تياراً من الهواء يستخدم عبر أنبوب طري ذي فتحة يخرج منها الهواء، وتستخدم لطرد النحل.
تجهيزات أخرى
جميع نماذج الغذايات متوفرة، بعضها بسيط، وبعضها الآخر أكثر تعقيداً. لكنها جميعاً تتطلب التعامل معها بحرص وعناية، كأي أدوات أخرى مستخدمة في النحالة. وخبرة النحال وحدها هي التي تقرر أي نموذج من الغذايات هو الأفضل بالنسبة له.
غذايات المدخل entrance feeder :
تتألف من حافة قياسية ملولبة تناسب أي حجم من مرطبانات ماسون (jar mason glass). يملأ المرطبان بالشراب السكري، ويقلب بعد وضع القاعدة عليه، ثم يدخل في مدخل الخلية. من محاسن هذه الغذاية أنها لا تحتاج لفتح الخلية، ويمكن معرفة ما استهلك النحل من المحلول السكري، وما تبقى منه دون إزعاج النحل. ومن سيئاتها أن أي غذاية توضع خارج الخلايا تسبب إثارة النحل، وقد تؤدي إلى سلوك السرقة، وقد تتعرض الطائفة الضعيفة لمهاجمة الطوائف الأقوى، مع أنها ربما تكون قد خزنت أكثر من حاجتها.
غذائيات لوح التقسيم (division board feeders): وهو وعاء بلاستيكي مشابه للإطار، يمكن ملؤه بالمحلول السكري
وتعليقه في الخلية مكان أحد الأطر. من حسناتها أن النحل يستطيع أن يأخذ الغذاء حتى في الطقس البارد، ومن سيئاتها أنها تأخذ مكان إطار من العسل.
الدواسة spur embedder:
تستخدم لتثبيت شمع الأساس على الأسلاك الأفقية، وتساعد مسننات
الدولاب على ذلك بمرورها على السلك، مقحمة السلك في الشمع. قد تستخدم باردة، أو مسخنة، وعندئذ يحتاج العمل إلى دواستين، واحدة في الماء الساخن، والأخرى في الاستعمال.
تجهيزات التعامل مع العسل
تعتمد التجهيزات التي يتطلبها العسل على نوع الإنتاج المرغوب، وهذا ما يجب على النحال المبتدئ أن يقرره. فربما كان يريد إنتاج العسل بشهده في عبوات صغيرة تتسع لنصف كيلو غرام تدعى “مقاطع العسل”. أو أراد أن يسوق إنتاجه من العسل بشهده على شكل أقراص أكبر. في هذه الحالات، عليه أن يبيع العسل مع شمعه، وأن يختار شمع الأساس المناسب.
ربما قرر النحال أن يستخدم العسل لاستهلاكه الشخصي في أطر ضحلة ذات عمق 14.5 – 16 سم، إذ يستطيع أن يقطع الأطر لاستهلاكه في البيت، أو لتوزيعه على الأصدقاء، أو بيعه ملفوفاُ بالسيلوفان. في هذه الحالة، عليه أن يستخدم العاسلات الضحلة بأطرها ذات شمع الأساس الرقيق. وهكذا، يمكن تقطيع الأقراص لدى امتلائها، ووضع شمع أساس جديد مكانها، ثم إعادة الأطر إلى العاسلات، لتوازن المحصول.
كذلك قد يرغب النحال المبتدئ في إنتاج العسل السائل. في هذهالحالة يمكن استخدام نفس العاسلات الضحلة، على أن تكون مجهزة بشمع أساس أثقل، أو أن يضع عاسلات كاملة العمق، وذات أطر حضنة، يمكن أن تستخدم لتخزين العسل الفائض. كما قد تتطلب هذه النوعية من الإنتاج تجهيزات إضافية، مثل سكين الكشط، والفراز.
ربما كان النحال المبتدئ يتمنى، من الفصل الأول، أن يترك مكان تخزين العسل الفائض لإنتاج عسل الأقراص، أو عسل الأطر الضحلة بكمية كبيرة نسبياً. وهذا الأخير يتطلب تجهيزات إضافية قد تستخدم لإنتاج العسل السائل، إذا حول إنتاجه إلى هذا الشكل في وقت متأخر.
استخلاص الشمع
يتطلب مصنعو شمع الأساس كمية كبيرة من شمع النحل في منطقتهم. لذلك يجب حفظ هذا الشمع مهما قلّت كميته. يجب أن يجمع فراز الشمع قيمته من توفير جميع أقراص الشمع القديمة، وكذلك أغطية النخاريب لتخزينها وإذابتها، وصنع شمع أساس منها.
ليس من الضروري، بالشكل المطلق، أن يكون لديك مكبس شمع، أو غلايات شمع. إذ يمكن استخدام غلاية غسيل عادية، وإن كانت تهدر أكثر من مكبس الشمع لدى تشغيله لأداء عمل معين. يجب استخدام ماء يسر في إذابة الشمع. الأوعية الحديدية غير مرغوبة لأن صدأ الحديد يلون الشمع الذائب، ويبدو مظهره وكأنه ممزوج بالتراب. والصفيح (التنك) أو الأوعية المصفحة لا غنى عنها، وللكميات الصغيرة، يفيد استخدام المسخنات المضاعفة.
كسّر أقراص الشمع، وانقعها جيداً في الماء. بعد ذلك سخنها حتى درجة الغليان فقط، واحرص على ألا تزيد الحرارة عن هذه الدرجة، لكي لا يتلف الشمع، أو يفيض ويسيل. استخدم مصفاة أو سلة سلكية، واغرف الطبقة السطحية للشمع الذائب بقصد تصفيته من خلال ثقوبها، واخلطه مع الأقراص تحت السطح. كما يمكنك تغطيس الأقراص كلما طفت على السطح، وسكبها في أوعية صفيحية (تنك). ستترسب الشوائب التي قد تنسكب مع الشمع في قاع هذه الصفائح. وقد يذاب الشمع ثانية بهدف
الانتهاء من تنقيته.
ولأن الكثير من الناس لا يريدون أن يتعبوا أنفسهم بإذابـة الشـمع
القديم، وتحويل هذه الأقراص إلى شمع، فقد قامت مصانع شمع الأساس بهذا العمل، ووفرته بكميات كبيرة. وفي كثير من الحالات يستطيع النحال أخذ شمعه وإذابته وتحويله إلى شمع أساس، بشكل أفضل مما لـو
قام بالعمل هذا بنفسه، وبذلك يتجنب الهدر بشكل خاص.
يجمع النحال، من وقت إلى آخر خلال الفصل، كمية كبيرة من كميات صغيرة متكررة من الشمع، وذلك من الأقراص القديمة، أو من كشط الخلايا والأطر والمقاطع. إن مستخلص الشمع الشمسي غير كاف لإذابة الكميات الصغيرة من الشمع. إنه غير مكلف، والأقراص التي ترمى داخله تكون محمية من الفراش، وقد تتجمع فيه كميات ذات قيمة، في نهاية الموسم.
خلية المراقبة
لن يتمكن أي إنسان أن يربي النحل بنجاح، ما لم تصبح لديه معرفة جيدة بعاداته وسلوكه، وهذا ما يتطلب القراءة أولاً. لكن النحال لن يتمكن من معرفة وفهم كل شئ من قراءة الكتب والمجلات، عليه أن يحتك عملياً بالنحل. وهكذا، على النحال أن يدرس عادات النحل بنفسه، وهذا ما توفره له خلية المراقبة.
تتألف خلية المراقبة الجيدة من إطار واحد قابل للنـزع والإعادة، في خلية صنع جانباها من الزجاج. لهذه الخلية أبواب تغطيها، أو غطاء قماشي أسود، لكن يجب أن تكون الأبواب حاجبة للضوء، إلا أنها تضايق النحل قليلاً وتسبب له الإزعاج. يمكن لخلية المراقبة أن توضع في نافذة، مع مدخل من الأمام ليتمكن النحل من الرعي.
في الربيع، يتم اختيار إطار حضنة جيد من طائفة قوية، مع مزيد من النحل للمحافظة على الحضنة دافئة. أول عمل يقوم به النحل هو رعايته للملكة، ومن الممكن مراقبة التغيرات المختلفة التي تمر بها الحضنة، وخروج الملكة من نخروبها، وإحضار النحل للرحيق والطلع. وفي نهاية الفصل، حيث من الصعب تشتية الطائفة في خلية صغيرة جداً، ينصح بضم النحل إلى طائفة أخرى قوية. وفي الربيع، يمكن إعادة إعمار خلية المراقبة بالنحل والحضنة.

المهندس دريد نوايا

(من كتاب دروس أولى في فن النحالة)

ملاحظة: يقدم الموقع خدمة تدريب وتأهيل النحالين في مختلف علوم تربية النحل وطرائق إنتاج منتجاته الستة في المناحل السورية – اكتب إلى:

info@duraidnawaya.com

Comments are disabled