الحساسين الثلاثة

عاد الأب من عمله بعد ظهر يوم ربيعي، يحمل كيساً ورقياً مثقباً ثقوباً صغيرة. أسرعت “زينة” تستقبل أباها، وتسأله عما في الكيس، فطلب منها أن تحزر. فكرت كثيراً قبل أن تجيب، لأنها لاحظت الثقوب، ولم تستطيع أن تفسر سبب ذلك.

وضع الأب الكيس على الطاولة، فتحرك الكيس، فحزرت “زينة” على الفور قائلة:

  • عصفور.. أكيد عصفور..

ضحك الأب، وفتح الكيس فطارت منه ثلاثة عصافير جميلة ملونة، بالأحمر والأصفر إضافة للونها الأصلي. كانت ثلاثة حساسين جميلة الشكل عذبة الصوت.

ما إن أفلتت الحساسين الثلاثة حتى اتخذت لنفسها مكاناً على شجرة زينة في صالون البيت، وحين دخلت الأم آتية من المطبخ، لاحظت الحساسين فاحتجت على ذلك بسبب ما قد تسببه هذه الحساسين من الأوساخ، لكن فرحة “زينة” بها أسكتتها.

أحضرت “زينة” طبقاً صغيراً وضعت فيه قليلاً من البذور التي أحضرها أبوها مع الحساسين، وملأت مشرباً بالماء كان قد أحضره معه أيضاً.

بعد يومين ألِف الحساسين المكان الجديد، وأصبحت الأسرة تصحو باكراً على أصواتها الجميلة، وكأنهم يعيشون في بستان، وسارت الأمور أياماً على هذا المنوال.

ذات يوم، وبينما كانت الأم تمسح النافذة، تمكن أحد الحساسين الثلاثة من الهرب خارج البيت، فبقي اثنان منها، ظلاّ يطيران ويغردان. وذات يوم آخر تمكن حسون آخر من الهرب أيضاً، فلم يبق سوى حسون واحد.

جثم الحسون المتبقي على غصن الشجيرة، وأحجم عن التغريد، وعاد البيت يفتقد تلك الأصوات الجميلة التي تعودتها الأسرة الصغيرة.

فجأة عاد الحسون المتبقي إلى الزقزقة والطيران من مكان إلى مكان، وقد عجِب الجميع لأمره. إنه يطير في الصالون وفي الغرف الأخرى، ثم يعود مزقزقاً، ولم يستطع أحد أن يفسر ذلك، لكن اللغز لم يطُل، فقد اكتشفت “زينة” أن الحسون يقف أمام المرايا، فأخبرت أباها، فجلس يراقبه مع ابنته، وفجأة انفجر الأب بالضحك وقال:

  • يا للمسكين! إنه يقف أمام المرآة ويرى نفسه فيها معتقداً بأنه حسون آخر، فيطير بعيداً ويزقزق ليلحق به، وحين يجد نفسه وحيداً يطير إلى مرآة أخرى، ويظن نفسه حسوناً آخر في المرآة، فيعيد الكرَّة، وهكذا.

لقد كُشف اللغز، لكن الأمر لم يطل، فقد تمكن هو الآخر من الهرب، وبذلك انتهت قصة الخساسين الثلاثة.

Comments are disabled