الطائر الجريح

افتتحت المدرسة أبوابها مبكراً في فصل الخريف، بعد عطلة الصيف. اشتاقت “زينة” لمدرستها كثيراً، واستعدت للعام الدراسي الجديد، فاشترت لها أمها حقيبة جديدة، ودفاتر وأقلاماً، وكلَّ لوازم المدرسة.

نظرت “زينة” من النافذة فشاهدت أسراب الطيور تهاجر نحو الجنوب. سألت أباها عما شاهدت فقال لها:

  • – تهاجر الطيور نحو البلاد الدافئة عندما يبدأ البرد في الشمال، وفي الربيع تعود إلى أعشاشها، عندما يحل الدفء من جديد.

ذات يوم، شاهدت “زينة” طائراً يجثو على عتبة نافذتها، فاقتربت منه، وأمسكت به، دون أن يحاول الهرب. عجبت لأمره وأخذت تتفحصه فوجدت أحد جناحيه مجروحاً فأسرعت تُري الطائر الجريح لأبيها.

أشفق الأب على الطائر وقال لابنته:

  • – لا بد أن صياداً أصابه بطلقة صغيرة، فلم يعد يقوى على الطيران.

أحضر الأب بعض ما لديه من مواد الإسعاف، وضمَّد جرح الطائر، وطلب من “زينة” أن تضعه في قفص، وتقدم له بعض الطعام.

نظرت “فلة” قطة “زينة” إلى الطائر مندهشة، وكأنها تسأل عن هذا الزائر الغريب، لكن “زينة” أفهمتها بطريقتها أن تبتعد عنه لكي لا يخاف، فابتعدت “فلة” عن الطائر، وأخذت مكانها في سلَّتها الأنيقة.

كان الطائر سعيداً بما فعلته “زينة” وأبوها من أجله، وبعد يومين شفي الجرح، فأخرجته من القفص، وتركته يطير في الغرفة.

نظر الطائر من النافذة فشاهد إخوته من الطيور تطير أسراباً نحو الجنوب، فحاول الخروج من الزجاج، لكنه وقع على الأرض.

حملت “زينة” الطائر وقالت له:

  • – أمامك مسافات طويلة عليك أن تقطعها وأنت تطير، انتظر للغد لتكون أقوى، وسوف تلحق بإخوتك.

بدا الطائر وكأنه فهم ما سمع من “زينة”، فجثا على القفص، وسكن.

في اليوم التالي، أحست “زينة” بأن الطائر أصبح قادراً على الطيران، ففتحت له النافذة، فزقزق شاكراً لـ”زينة” ما فعلته معه، وصفق بجناحيه وطار ملتحقاً بإخوته.

كانت “زينة” سعيدة بالأيام الثلاثة التي أمضاها الطائر الجميل في ضيافتها، ومرت الأيام وهي تروي قصته لزميلاتها ومعلماتها، وجيرانها، حتى انتهى فصل الشتاء، وحلَّ الربيع من جديد.

نظرت “زينة” من نافذة غرفتها فشاهدت أسراب الطيور تعود مهاجرة من الجنوب إلى الشمال، فتذكرت ما أخبرها به أبوها.

بعد يومين، فتحت “زينة” باب نافذتها لتجد الطائر ذاته وقد عاد من الجنوب، ينظر إليها ويزقزق فرحاً برؤيتها، ثم يطير مكملاً رحلته مع إخوته.

كانت فرحتها غامرة وهي تروي لأمها وأبيها ما حدث، لأن كلمة الشكر كافية لمن يعمل المعروف.

Comments are disabled