زورق زينة

أحبت “زينة” دروس الرسم والأشغال والموسيقى في المدرسة، فقد كانت المعلمة تعلم تلاميذها الكثير من الفنون الجميلة، وتعزف لهم حين يؤدون الأغاني الجميلة، والأناشيد الوطنية الحماسية التي تمجد الوطن.

في درس الأشغال، تحدثت المعلمة عن فن برع فيه اليابانيون، وسمَّوْه “فن الأوريغامي”، وهو فن تشكيل الورق لعمل مجسمات تشبه مثيلاتها، لكنها مشغولة من الورق.

شرحت المعلمة لتلاميذها كيفية تشكيل زورق جميل، وحين استوعب التلاميذ الفكرة، علمتهم كيف يشكلون ضفدعاً قافزاً.

كانت “زينة” سعيدة بهذا الفن، وحين عادت إلى البيت قامت بتشكيل الزورق والضفدع القافز، فأعجب والداها كثيراً ببراعتها، فسألت أمها:

  • هل أستطيع وضع الزورق في حوض من الماء؟

أجابت الأم:

  • على أن يكون ذلك في الحمّام.

ملأت “زينة” حوضاً بلاستيكياً صغيراً بالماء، وأخذت تلهو بزورقها، وقطتها “فلة” إلى جانبها، حتى أحست بالاكتفاء، فنهضت، وأعادت كل شيء إلى ما كان عليه، وانصرفت إلى غرفتها.

لم تقتنع “زينة” بالحوض الصغير كثيراً، ففكرت قليلاً، ثم ذهبت إلى أبيها الذي كان يقرأ موضوعاً في مجلة. فتوقفت بالقرب منه خشية أن تفسد عليه انسجامه مع ما يقرأ، لكن الأب سأل “زينة”:

  • ماذا تريد أميرتي الجميلة؟

أجابت:

  • لقد اشتقت لجَدي وجَدَّتي كثيراً يا أبي.. هل أستطيع أن أمضي عطلة نهاية الأسبوع عندهما؟

أجاب الأب:

  • بكل سرور يا ابنتي، هيِّئي نفسك، وسنزورهما جميعاً.

كانت الجدة والجد في بيتهما الريفي الذي يمر بجانبه جدول صغير عذب الماء، وكانت “زينة” تريد أن ترى زورقها يطفو على ماء النهر ويمضي.

شكَّلت “زينة” عدداً من الزوارق، وكتبت رسائل أودعت كلاً منها في زورق. وحين ذهبت الأسرة إلى بيت الجد الريفي، انطلقت “زينة” نحو النهر الصغير، وراحت ترسل زوارقها، الواحد تلو الآخر، وتراقب كلاً منها حتى يغيب عن النظر.

على مسافة من بيت الجد، كان هناك صبي شقي يبكي لأنه عذَّب أمه في غياب أبيه، فنهرته، وغضبت منه، فخرج وجلس على مقربة من الجدول الصغير.

فجأة توقف الصبي عن البكاء حين لمح زورقاً ورقياً يقترب منه، حاول التقاطه لكنه لم يستطع. بعد قليل لمح زورقاً آخر فاستعد ليلتقطه، وتمكن من ذلك، وكانت أمه قد خرجت من المنزل، وشاهدته يلتقط الزورق، فصاحت قائلة:

  • ما هذا الذي تلتقطه من الجدول؟

أجاب:

  • زورق جميل..

فتقدمت نحوه وهو يسحب الرسالة من الزورق. كانت الرسالة تقول (لا تعذب أمك، قبَّلها واعتذر منها) التوقيع “زينة”.

نظر الصبي إلى أمه معتذراً، فضمَّته إلى صدرها وقبَّلته وهو يعدها ألا يعذبها مرة ثانية، ومن يومها أصبح ولداً لطيفاً.

Comments are disabled