العجوز والفأر

على تلٍّ ورقي، كانت تسكن سيّدة عجوز في كوخ ورقيٍّ أيضاً، بين حيوانات غابة، أحبتها وأحبوها، لأنها كانت لطيفة، ولا تؤذي أحداً.

ذات يومٍ فاجأها فأر وقح مشاغب بالوقوف أمامها قائلاً:

  • سأسكن هذا البيت معكِ، سواءٌ وافقتِ أم لم توافقي أيتها العجوز، وإذا اعترضتِ على ذلك، سأقضم هذا البيت وأحوِّله إلى فُتات.

ابتسمت العجوز اللطيفة وقالت:

  • أهلاً بك أيها الفأر، أنا موافقة، لأنك ستكون مسلياً لي في وحدتي. ما رأيُك أن يطلب كل منا من الآخر أن يحلَّ لغزاً؟

سُرَّ الفأر الوقح بالفكرة، وقال للعجوز:

  • فكرة رائعة، ولكن ضعيني على كفك أولاً لأشعر بالراحة، فقد آلمني عنقي وأنا أنظر إليك من أسفل.

بسطت العجوز كفها للفأر فقفز إليه، وطلب أن يبدأ هو بطرح اللغز، وقال:

  • أخبريني أيتها العجوز، كم خطوة يخطو العصفور ليقطع مسافة مئة متر؟

ثم كشّر عن أسنانه البيضاء الرفيعة بخبث، وانتظر الإجابة، فقالت العجوز:

  • لغزك سهل الحل.. فالعصفور لا يخطو، بل يقفز قفزاً.

دُهش الفأر لذكاء العجوز، وطلب منها أن تطرح لغزها فقالت:

  • مخلوقٌ لشبه الفأر، مخالبه كمخالب الفأر، وكذلك شواربه، وأذناه كبيرتان كأذني الفأر، لكنه ليس فأراً فما هو؟

عجز الفأر عن حل اللغز، ورجا العجوز أن تعطيَه فرصة أخرى فوافقت قائلةً:

  • لا بأس.. سأحاول مرة أخرى. مخلوقٌ يشبه القط، يداه ورجلاه كَيَدَي القط ورجليه، وذيله كذيل القط، وصوته هكذا: مياو.. مياو كصوت القط، إذا شاهدكَ الآن ابتلعك خلال أقل من ثانية، فما هو؟

ارتجف الفأر الوقح من الخوف، وقفز من فوق كف العجوز، وفرَّ هارباً بسرعة البرق.

ضحكت العجوز من أعماقها وهي ترى الفأر الذي كان يهددها قبل قليل، مذعوراً وحدّثت نفسها قائلةً:

  • إذا عاد هذا الفأر مرة ثانية سيجد أمامه لغزاً لا يزال بحاجة إلى الحل، ويتذكر القط دون أن أراه، ويهرب.

وهكذا تخلصت منه دون أن تزعج نفسها.

Comments are disabled