اللص المسروق

على الرغم من أن الفلاح كان نشيطاً، كان ابنه كسولاً، ينام أغلب النهار، ولا يفعل شيئاً مفيداً. على الرغم من ذلك كان الأب يتعامل مع ابنه بطريقة لطيفة، ناصحاً إياه، ومبيناً أهمية العمل للإنسان، قائلاً:

  • يا بُنَيَّ! قيمة الإنسان في عمله، والكسل مرض قاتل، وها أنت أصبحتَ شاباً، وأصبح العمل واجباً عليك.

لكن الابن الكسول يتثاءب قبل أن ينهيَ الأب كلامه، واعداً إياه، قائلاً:

  • غداً.. غداً سأعمل يا أبي.. غداً..

تحمَّل الأب كذب ابنه، لكنه احتاج إليه عند الحصاد، فصرخ في وجهه:

  • هل ستبقى هكذا؟ هل ستصبح قاطع طريق؟ كيف ستعيش بعد موتي إذا لم تعمل؟

خطرت الفكرة الشريرة له، فقال محدثاً نفسه:

  • لماذا لا أعمل قاطع طريق؟ بلى سأصبح كذلك.

ظلت الفكرة تكبر في ذهنه حتى قرر ذات ليلة أن ينفذها، فخرج ليلاً من البيت، واختبأ خلف شجرة، وحين سمع وقع أقدام تجار جاؤوا لشراء الحبوب، استعد، وأخرج سكينه من خصره، وطلب منهم أن يفرغوا كل ما في جيوبهم من مال، فخاف التُّجار، وأفرغوا جيوبهم من المال، فانصرف عائداً نحو البيت، ساعده في ذلك غياب القمر في تلك الليلة.

في الصباح، أخبر أباه بأنه أصبح يعمل في قرية مجاورة، ففرح الأب، لكنه مازال غير مطمئن لابنه الذي يصحو من النوم ظهراً ليتناول طعام الغداء، ثم يعاود النوم.

قلِقَ الأب على ابنه لأنه كان يرى المال بين يديه، دون أي دليل ملموس على أنه يعمل، فسأله:

  • أخبرتني أنك تعمل في قرية مجاورة، هل يحصد الناس هناك خلال الليل؟

أجاب الابن:

  • أعمل حارساً ليلياً، وعلي أن أنام في النهار، لكي أتمكن من العمل خلال الليل.

صدَّق الأب كلام ابنه الكذاب، الذي أصبح يذهب كل يوم ليقطع الطريق، ويسلب الناس أموالهم. وذات ليلة، وبينما كان الابن في طريقه إلى المكان الذي يمارس فيه عمله الشرير، فاجأه قاطع طريق آخر، وباغته بسكينه وهو يقول:

  • أفرغ ما في جيبك من مال وإلا قتلتُك.

كان نصل السكين يلمع تحت ضوء القمر، فخاف وأخذ يرتجف قائلاً:

  • ليس في جيبي مال، إنني أضع أموالي في بئر قريبة.

اقتاد قاطعُ الطريق الابنَ نحو البئر، وحين وصلا أمره بحزم:

ادخل البئر، وأخرِج المال، وإذا لم تخرج سأردم هذه البئر عليك وأدفنك فيها.

خرج اللص المسروق من البئر وهو يحمل المال الذي سرقه، ليسلِّمَه إلى اللص الآخر، الذي سيقع ذات يوم في قبضة لص آخر، أو في قبضة يد نظيفة، تُعيد المال إلى أصحابه!

Comments are disabled