البطاطا الكبيرة

أوصى الرجل العجوز ولدَيْه الشابين، وهو على فراش الموت قائلاً:

  • ولديَّ العزيزين، لقد تركت لكما الأرض وقطعة من الذهب، أرجو أن تبيعا الذهب، وتزرعا الأرض، وأن تتعاونا معاً، ففي التعاون قوة.

لم يعش الأب أكثر من يومين بعد الوصية، لكن الأخ الأكبر لم يقتنع بما أوصى به الأب، فحدَّث نفسه قائلاً:

  • ما لي وما للأرض! سآخذ قطعة الذهب، وأترك الأرض لأخي، فهي تحتاج للعمل والتعب.

حين اجتمع الأخَوان، أبلغ الأخ الأكبر أخاه برغبته، فأجابه أخوه بدهشة:

  • ولكن! علينا أن ننفذ وصية والدنا..

ضحك الأخ الأكبر ساخراً وقال:

  • وصية والدنا!.. أية وصية تلك؟ سآخذ قطعة الذهب حتى لو رفضت ذلك.. مفهوم؟

أخذ الأخ الأكبر قطعة الذهب، وراح يشتري ويبيع حتى أصبح غنياً جداً، وصار يخزن الذهب والفضة تحت أرض بيته. أما الأخ الأصغر فقد تعب كثيراً، واضطر لبيع جزء من الأرض ليشتري ثوراً وبذاراً، ولوازم زراعة الأرض، لكن الحظ حالفه حين عثر على ثور قوي، استطاع أن يحرث الأرض، ويسحب الماء من البئر، لذلك خصص جزءاً من الأرض لزراعة البرسيم للثور النشيط.

خطط الأخ الأصغر الأرض، وقسمها إلى خطوط ومساكب، وزرع الكثير من الخضار، لكنه لاحظ أن أحد نباتات البطاطا ينمو بقوة وسرعة، فقال في نفسه:

  • لم أرَ في حياتي نبات بطاطا بهذا الحجم، يا إلهي!

صار الناس يتوافدون على الأرض ليروا نبات البطاطا الكبير العجيب، وحين أراد أن يقتلعه وجد تحت الأرض درنة بطاطا كبيرة جداً، ولم يستطع أن يقتلعها إلا بمساعدة ثوره القوي مع ثور جيرانه.

نظر إلى درنة البطاطا بدهشة، وقال لنفسه:

  • لو أكل أهل القرية جميعاً منها طوال سنوات، لما استطاعوا أكلها كلها.. ماذا سأفعل بها؟

فكر قليلاً، ثم قرر أن يهديها للملك، ليوزعها على الناس، إذ كان من المستحيل أن يجد لها مَن يشتريها. وهكذا ذهب إلى القصر، وروى للملك ما حدث له، فأمر الملك بتجهيز العربة الملكية ليذهب إلى الأرض ويرى البطاطا الكبيرة، وهناك أبدى الملك إعجابه بالمُزارع النشيط، وأثنى على جهوده، وأمر له بكمية كبيرة من الذهب ثمناً لدرنة البطاطا، قائلاً:

  • إنك مُزارع مُجِدٌّ يا بني، وتستحق المكافاة المجزية.. خذ هذا الكيس من الذهب أيضاً واشترِ ثوراً آخر..

أخذ الملك درنة البطاطا، وعاد إلى قصره. لكن الأخ الأكبر سمع بما حصل لأخيه الأصغر فحدَّث نفسه:

  • إذا أعطى الملك أخي كل هذا المال مقابل درنة بطاطا، ماذا سيعطيني إذا قدمت له كل هذه المجوهرات؟

وحين قدم كمية كبيرة للملك من المجوهرات، سأله الملك:

  • من أين لك كل هذا؟ هذه الثروة تزيد عن ثروتي..

أجاب:

  • عملت في التجارة، صدِّقني يا جلالة الملك!

هز الملك رأسه ثم قال:

  • لا بأس.. ماذا سأقدم لك مقابل هذه المجوهرات؟

فكر الملك طويلاً، ثم تذكر فجأة، وقال:

لقد تذكرت، لدي درنة بطاطا كبيرة عجيبة، سأقدمها لك هدية..

Comments are disabled