السمكة الفضولية

كانت هناك سمكة صغيرة فضولية (تحب أن تعرف كل شيء)، تذهب إلى أي مكان، وتحشر نفسها في ما يعنيها وما لا يعنيها، وكثيراً ما كانت أمها تنبِّهُها إلى سوء هذه الطبيعة التي يمكن أن تسبب لها الأذى، وتجعل الآخرين يمقتونها وينبذونها، وتقول لها:

  • الفضول قتل القط يا ابنتي، عليك ألا تتدخَّلي في ما لا يعنيك، دعي الآخرين وشأنهم.

لكن السمكة الصغيرة لا تأخذ بنصيحة أمها، وكثيراً ما كانت تخاطر بنفسها، وتتعرض للابتلاع من الأسماك الكبيرة، لكنها كانت تختبئ بسرعة، وتثق بمهارتها لدى تعرُّضها لأي خطر.

ذات يوم، قررت السمكة الصغيرة أن تتجوَّل في أعماق البحر، وكلما صادفت تجمُّعاً اقتربت منه لتعرف ما يحدث، وكلما شاهدت شيئاً غريباً وقفت لتفهم ما هو؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ وأين؟

مرَّت السمكة الصغيرة قريباً من مكان كثيف الأعشاب البحرية، فسمعت صوت (طقطقة) فأحسَّت بالخوف، فابتعدت قليلاً، لكن فضولها غلب على خوفها، فعادت واقتربت لتستمع إلى الصوت بصورة أوضح، وظلت تفكر وتتنقل حول العشب لتستطلع الأمر، لكنها لم تتمكن من معرفة مصدر الصوت، وما يعنيه.

قالت لنفسها:

  • عليَّ أن أقترب أكثر وأكثر، لكي أعرف ماذا يحدث.

في الحقيقة كان هناك سرطان كبير يسنُّ مخالبه داخل هذا العشب الكثيف، شاهدها من بعيد، وحين رآها تقترب قرَّر أن يؤَدِّبَها، فانتظرها حتى التصقت بالأعشاب، وكادت تدخلها، فنفد صبره فعضَّها عضّة قوية في رأسها، وكادت مخالبه تفقأُ عينها، فخافت، ومضت بسرعة نحو بيتها الذي أصبح بعيداً. وكان الخطر يحيط بها لأن رائحة الدم تجذب الأسماك الكبيرة، وكثيراً ما تعرَّضت لمطاردة أسماك أكبر منها، فكانت تختبئ تحت أي شيء يصادفها حين تشعر بالخطر.

أخيراً وصلت السمكة الصغيرة الفضولية بيتها، وحين شاهدتها أمها أدركت أن ابنتها نالت جزاءَها بسبب تدخُّلِها في ما لا يعنيها، فسألتها:

  • ما هذا الدم الذي يملأ وجهك يا ابنتي؟

قصت السمكة الصغيرة لأمها ما حدث لها، فأجابتها أمها بأنها تستحق ذلك. ثم ضمَّدت الأم مكان الجرح، ولفَّتْهُ بالقطن والشّاش.

ومنذ ذلك اليوم، لم تعد السمكة الصغيرة تتدخل في ما لا يعنيها، وتترك غيرها وشأنه، وتهتم بنفسها وواجباتها.

Comments are disabled