أنف الطوقان
حطّ طائر الطوقان على غصن شجرة بعيدة، وأخذ يفكر في المشكلة التي تشغله، وهو يقول في نفسه:
- – لماذا تنظر إليَّ الطيور والحيوانات الأخرى وتتهامس؟ لا بدّ أن هناك شيئاً غريباً في شكلي يلفتهم..
وأخذ ينظر إلى ريشه وجناحيه وساقيه، ثم يعود ويقول:
- – إنني عاديّ جداً كباقي الطيور.. ولكن..
قرر الطوقان أن يصغي لهمس الطيور والحيوانات الأخرى ليعرف السبب.. وأدرك أن منقاره الطويل المعقوف هو ما يَلفت الأنظار، فقد سمع بأذنه ما قيل:
- – انظروا إلى منقاره الطويل المعقوف..
طار الطوقان يبحث عن مرآة.. لكنه تذكر بركة الماء، فوقف على كتفها ونظر إلى صورته وقال حزيناً:
- – حقّاً.. إن منقاري كبير وغريب الشكل.. ليتني خُلِقتُ طائراً آخر!
في تلك اللحظة، مرّ بالقرب منه غراب أسود، فلاحظ أن الطوقان حزين، فاقترب منه وحط على غصن قريب، ثم سأله:
- – ما بك يا صديقي الطوقان؟ إنني أراك حزيناً..
شكر الطوقان للغراب اهتمامه، ثم أخرج زفرة طويلة وهو يقول:
- – لديّ مشكلة لا أدري كيف أستطيع التخلص منها..
قال الغراب بثقة وثبات:
- – لكل مشكلة حل، أخبرني بمشكلتك، وأنا أعدك بحلِّها..
شكا الطوقان للغراب ما يسببه له منقاره الطويل المعقوف من حَرَج أمام المخلوقات الأخرى، واستمع الغراب له باهتمام، وحين انتهى من الكلام قال الغراب له:
- – هذه ليست مشكلة.. إنه أمر طبيعي جداً، فكل طيور الطوقان ذات مناقير تشبه منقارك..
قال الطوقان:
- – لكن بقية الطيور ليست كذلك.. إنّ لها مناقيرَ صغيرةً جميلة..
أدرك الغراب الذكي أن صاحبه يعاني فعلاً من منقاره، فقال له مبتسماً:
- – لكن الكثير من المخلوفات لها أنوف ومناقير طويلة.
أجاب الطوقان:
- – لا .. إنها طيور الطوقان وحدها..
عندئذ دعاه الغراب إلى رحلة يرافقه خلالها، فقبِل الطوقان بعد أن أصرَّ الغراب عليه. وهكذا طارا معاً بعيداً. وبعد أن قطعا مسافة طويلة شاهدا بحيرة صغيرة، فأشار الغراب للطوقان بالنزول إليها.
وبعد أن استراحا قليلاً، قال الغراب لصديقه الطوقان:
- – انظر حولك جيداً، ثم أخبرني بما ترى..
نظر الطوقان حوله فشاهد الفيل والبجعة والكركي وآكل النمل، فابتسم وقال:
- – لكل هذه المخلوقات أنوف ومناقير طويلة..
أجاب الغراب:
- – ألم أقل لك؟ عليك ألاّ تصدِّق كل ما تسمع..
عندئذ شكر الطوقان لصديقه الغراب اهتمامه، وقرر أن يعيش هنا، بالقرب من البحيرة الصغيرة..