داء السكري عند الأطفال

يحزن الأبوان عندما ترتفع حرارة طفلهما أو عندما يعانى من نزلة برد، فماذا لو أصيب الطفل بداء السكري المزمن الذي يبقى مع الطفل طوال حياته؟ إن داء السكري داء مرهق بالنسبة للكبار فما بالكم بالنسبة للأطفال! وبالرغم من التقدم الذي يحدث كل يوم في مجال الأدوية والعلاج، إلا أن داء السكري يبقى داءاً يحتاج إلى السيطرة والمتابعة المستمرة.

بعد الصدمة الأولى التي يشعر بها الوالدان، وعدم تصديقهما لحقيقة أن طفلهما مصاب بداء السكري، تأتي المرحلة الصعبة وهى تقبل الوضع، وفهم الداء، والبحث عن أفضل طريقة ممكنة للعلاج. الطفل المريض بالسكري هو طفل ذو ظروف خاصة، وفي أحيان كثيرة يغير منظور حياة أسرته كلها وأسلوبها إلى الأفضل. حقيقة الأمر أنه أحياناً تكون وراء مثل هذه المواقف الصعبة نعمة بالنسبة للمحيطين بالطفل، إذ تشجعهم ظروف الطفل على اتباع حياة صحية أكثر.. حياة مليئة بالنشاط ومثمرة.

ما هو داء السكري؟

داء السكري داء مزمن يؤدي إلى ارتفاع غير عادي في مستوى السكر في الدم، نتيجة عدم قدرة البنكرياس على إفراز الإنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم.

هناك نوعان من السكري، كلاهما يعوق التمثيل الغذائي للسكر والكاربوهيدرات في الجسم، ويؤثران على الطاقة الكلية. النوع الأول من السكري هو أن يفرز الجسم كمية قليلة من الإنسولين أو لا يفرز إنسولين على الإطلاق، وهذا النوع من السكري يصيب عادةً الأطفال والشباب أقل من 30 سنة. هذه الحالة تستدعى استخدام جرعات من الإنسولين للحفاظ على المستوى الطبيعي للسكر في الدم، ويطلق على هذا النوع سكري الأطفال.

النوع الثاني من السكري يصيب الأشخاص الأكبر سناً، وقد لا يحتاج لأخذ إنسولين، وكثيراً ما يمكن تنظيمه عن طريق التغذية المناسبة، وممارسة الرياضة، وتناول الأدوية عن طريق الفم.

اكتشاف داء السكري:

هناك علامات قد تدل على وجود داء السكري:

  • 1- عطش شديد.
  • 2- تبول متكرر خاصةً في أثناء الليل.
  • 3- نقص الوزن.
  • 4- الشعور بالإجهاد والعصبية وانخفاض مستوى التحصيل في المدرسة.
  • 5- الأكل أكثر من اللازم أو أقل من اللازم.
  • 6- قيء، وألم في البطن، وتعب، وجفاف في حالة ارتفاع مستوى السكر ارتفاعاً شديداً.
  • 7- دوخة وميل للنعاس.

حكاية هايدي:

أصيبت هايدى بداء السكري وهى في السادسة من العمر. في البداية لاحظت والدتها أن وجهها شاحب وتتبول كثيراً، وفي حوار عادي مع طبيب صديق للأسرة، ذكر والد هايدى له الأعراض التي لوحظت عليها. طلب الطبيب إجراء تحليل دم، أثبت أن هايدي مصابة بالنوع الأول من داء السكري، أي أنها ستعتمد على جرعات إنسولين يومية لتثبيت مستوى السكري في الدم، وتمكنها من اكتساب الطاقة اللازمة لكي تعيش حياة طبيعية.

دخلت هايدى المستشفي لمدة أسبوع، وتعلمت كيفية استعمال حقن الإنسولين للحصول على الجرعات اللازمة لها. تم كذلك تزويد والديها بالمعلومات والإرشادات اللازمة بخصوص الأدوية، والتغذية، وممارسة الرياضة.

تعترف والدة هايدى أنها قد صدمت بشدة عندما علمت بنبأ إصابة ابنتها بالسكري، ولكنها تذكرت كلام أحد الأطباء عندما قال لها ذات مرة إن هذا العصر هو العصر الذهبي لداء السكري، لأن العلاج أصبح أكثر سهولة وأكثر تقدماً عن ذي قبل.

مع الوقت تعودت هايدي وأسرتها على حالتها. هايدي الآن في الخامسة عشرة من عمرها، وتقوم منذ فترة طويلة بإعطاء نفسها الجرعات اللازمة من الإنسولين قبل الوجبات.

إن هناك تلميذاً واحداً مصاباً بداء السكري من كل ألف تلميذ.

كيف يتم التكيف؟

  • تقبل الأمر:

الأطفال المصابون بالسكري، وكذلك أمهاتهم وآباؤهم، يحتاجون لمساندة معنوية ونفسية بعد تشخيص الداء. هذا أمر هام لمساعدتهم في التغلب على الصدمة الأولى، ومشاعر الغضب والإنكار للطبيعية، التي قد يشعرون بها، والتي قد تستمر لبعض الوقت. على الأبوين أن يتذكرا أن تقبلهما للقدر سيساعد طفلهما أيضاً على تقبله. ليس في مقدور أي منكم ما قد يغير هذا القدر، ولكن بمساعدتكما يمكن لطفلكما أن يتغلب على دائه، ويحقق كل ما كنتما تتمنيانه له. كل القيود والهموم التي كانت شائعة في الماضي بخصوص داء السكري أصبحت محدودة. وكل ما في الأمر هو التعود على روتين جديد.

  • فهم الحالة:

من المؤكد أن المعرفة الجيدة بالأمور هي الوسيلة الأساسية للسيطرة على الداء. من الضروري أيضاً أن يكون الأبوان والأخوات والأخوة مشاركين، وعلى دراية بالوضع الجديد، وبالأدوار والمسؤوليات التي سيلتزمون بها كأسرة.

سيتعلم طفلك أنه لا داعي لأن يأكل البيتزا كاملة، ولكن لا بأس من أكل قطعة أو قطعتين فقط. ستتعلمين تقديم الفاكهة والسلطة وجعلهما من الأشياء الرئيسية في الثلاجة، وستتعلمين الحد من تحضير أو شراء الكيك والحلويات، وأن يكون ذلك قاصراً على المناسبات الخاصة فقط. يمكن أيضاً أن يتعلم الأخوة اكتشاف أعراض نقص السكري عند أخيهم وأنه يحتاج إلى وجبة خفيفة.

يجب أن تكون المساندة المعنوية مستمرة. في الجمعيات والهيئات المتخصصة برعاية أطفال السكري يقوم، فريق من المتخصصين، موجهين، ومختصين نفسيين، واجتماعيين، وخبراء تغذية، بمساندة الطفل في جميع نواحي حياته. هذا الفريق من المتخصصين يقوم بوضع برنامج يناسب كل مرحلة عمرية لكل طفل على حدة. هناك أيضاً أنشطة اجتماعية مثل الرحلات والحفلات، يمكن للأطفال المصابين بداء السكري أن يتفاعلوا ويتبادلوا تجاربهم.

هذا جزء هام لتقبل الطفل لوضعه، وطريقة لمساعدته على التكيف مع حالته. وسط مجموعات أخرى قد يشعر أحياناً مريض السكري بأنه شخص مهم عندما يظهر للآخرين كيف يستطيع أن يأخذ جرعات الإنسولين بنفسه، فهو يجذب بذلك أنظار العديد من الأطفال الآخرين.

  • ممارسة الرياضة:

أطفال داء السكري يستفيدون من كل أنواع الرياضة لأن الرياضة تساعد على تحسين الدورة الدموية، وبالتالي منع مستوى السكر من الارتفاع، بالإضافة إلى المكسب المعنوي الذي يحصل عليه الطفل من اندماجه مع أطفال من نفس سنه.

لكن يجب أن يبعد الوالدان طفلهما المريض بالسكري عن الرياضات المجهدة مثل المصارعة ورياضة الغوص. أما كل الرياضات المتعلقة بالماء مثل السباحة والغطس، يجب أن تكون تحت إشراف تام ودقيق من الوالدين والمدرب، الذي يجب أن يكون على دراية بأعراض انخفاض مستوى السكر في الدم، ويعرف كيف يتعامل مع الأمر جيداً.

تذبذب مستوى السكر في الدم:

من أكبر المشاكل التي تواجه مرضى السكري بشكل عام، ومرضى السكري من الأطفال بشكل خاص، هو تذبذب مستويات السكر في الدم. وهو ما قد صاحبه العديد من المشاكل.

ارتفاع مستوى السكر في الدم:

وهذا يعنى ارتفاع مستوى السكر في الدم لأكثر من 180. أعراض ارتفاع السكر هي:

  • عطش شديد وجفاف في الفم.
  • التبول المتكرر.
  • رؤية مشوشة.
  • إجهاد ملحوظ.

يتسبب في ارتفاع مستوى السكر عادةً:

  • الإفراط في الأكل أو تناول الأطعمة غير المناسبة.
  • نسيان أخذ الأدوية أو جرعة الإنسولين.
  • الالتهابات أو المرض.

انخفاض مستوى السكر في الدم:

هذا يعنى انخفاض مستوى السكر لأقل من 70. أعراض انخفاض السكر هي:

  • دوخة، وضعف، ورعشة.
  • عرق.
  • صداع.
  • اضطراب وعصبية.

يتسبب في انخفاض مستوى السكر عادةً:

  • حذف أو نسيان وجبة.
  • أخذ إنسولين أكثر من اللازم.
  • الرياضات المجهدة.

كثير من الآباء والأمهات يعيشون في رعب من أن يؤثر السكري على أطفالهم بشكل خطر على المدى الطويل وينهك أجسامهم، لكن في الحقيقة أن إهمال الداء فقط هو ما قد يؤدى إلى مشاكل في النمو، وإلى مضاعفات. لمساعدة الأطفال المرضى بالسكري على فهم حالتهم والتعايش معها، من المهم أن نعززهم دائماً بإيجابية.

لا تخيفي الطفل أو تعنفيه إذا وجدت مستوى السكر عنده مرتفعاً في يوم ما، ولكن حاولي التعرف على الأسباب، وحاولي تجنب هذا الارتفاع بقدر الإمكان. ولا تكوني قاسية على نفسك أيضاً، فلكل منا طاقته، وكل منا قد يمر في حياته بظروف قد تثقل كاهلية.

خلال هذه الأوقات، حاولي أن تكوني متفائلة دائماً، وسترين صورة طفلك الشجاع الجميل.

شجعي طفلك على أن يبرع في أي مجال فَكَم من عظماء تحدوا الصعوبات، بل وأحياناً الإعاقات، وكتبت أسماؤهم بسطور من نور في ذاكرة التاريخ. ستندهشين عندما ترين ما يمكن أن يحققه طفلك وهو يمضي في طريق حياته.

Comments are disabled