إجازة سعيدة

تستيقظ الأم كل صباح وترتدي ملابسها على عجل لتذهب إلى عملها, وفى نفس الوقت تلهث وراء أطفالها كي يستعدوا للذهاب إلى المدرسة، ثم تحيّي زوجها بسرعة وهو يهرول أيضاً ليلحق بعمله. وقد تمر الأم بنفس الخطوات تقريباً، غير أنها تبقى في البيت لرعاية طفلها الصغير، والقيام بأعباء البيت التي لا تنتهى. في خضم الإيقاع السريع للحياة التي نعيشها، لدى كل منا العديد من الأمور التي تتطلب الاهتمام والرعاية، ولا يبقى لدينا إلا القليل من الوقت للاستمتاع بما نحب ومع من نحب – مع الأسرة.

لكن هكذا هي الحال في كل الدنيا، إنها دورة الحياة، وكل منا حبيس هذه الدورة التي لا تتوقف، وفى أحيان كثيرة تبعدنا هذه الدورة عن بعضنا البعض لدرجة أننا كثيراً ما نجد صعوبة حتى في التجمع حول مائدة طعام واحدة.

حكايات قبل النوم، والأحضان والقبل اليومية بين أفراد الأسرة، والذهاب إلى النادي في الإجازة الأسبوعية كلها أمور جميلة ولكنها لا تكفي. إن ما يوطد الترابط بين الزوج والزوجة والأطفال حقاً هو قضاء يوم كامل معاً (بمعنى المشاركة في الإفطار، والغذاء، والعشاء، وكل ما بينهم) والقيام بأشياء مشتركة.

مع اقتراب نهاية العام الدراسي, وقرب حلول الإجازة الصيفية، تصبح الفرصة مواتية لكسر روتين الحياة اليومية والتجمع معاً للاستمتاع بأوقات ظريفة. بغض النظر عن المكان الذي تنويان قضاء الإجازة فيه, وبغض النظر عن طول مدة الإجازة أو قصره، سواء كانت يوماً أم أسبوعاً، فإن التخطيط والتنظيم للإجازة بحيث تحصلون منها جميعاً على أكبر قدر من المتعة والمرح هو في الواقع ما يهم.

اجعلوا “الترابط الأسري” شعار إجازتكم. إذا ركزتم على هذا المعنى قد تتحول الإجازة من مجرد إجازة عادية إلى رحلة مليئة بالمرح والمتعة للأسرة كلها حتى قبل أن تبدأ.

أمثلة: أبوان لبنتين يحرصان على إشراك ابنتيهما في كل تفاصيل الإجازة الصيفية. تقول الأم: “أنا وزوجي نعرض عليهما من خلال الإنترنت, الاختيارات المتاحة للفنادق الموجودة في المكان الذي ننوي السفر إليه, ونتركهما تختاران الفندق الذي تريدانه. هما تستمتعان باتخاذ مثل هذا القرار المهم، وهذا يشركهما في كل شيء من البداية، كما تتطلعان بهذا الشكل أيضاً للذهاب إلى المكان الذي اختارتاه بنفسيهما.”

أم أيضاً لبنتين – تحاول أن تجعل من رحلة السفر الطويلة متعة, وتقول: “أحب أن آخذ معي حقيبةتحتوي على بعض الأشياء الصغيرة التي يمكننا القيام بها خلال الطريق. ففي الإجازة الماضية، أخذت معي ورقة وقلماً ولعبنا معاً بعض الألعاب. وقمت أيضاً بقص 20 قطعة ورقية صغيرة، وأخذ كل منا 5 قطع ورقية قبل الرحلة بيومين. طلبت من كل واحد أن يكتب أسماء خمس أغانٍ مفضلة لديه. جمعت كل الورق ووضعته في قطرميز صغير ووضعته في الحقيبة. خلال رحلة السفر، قام كل منا بالتقاط ورقة من القطرميز بشكل عشوائي، وكان عليه أن يغنى الأغنية المذكورة على الورقة، ولم يكن يسمح للاعب بالرفض.” تضيف الأم قائلة: “هناك العديد من الأعمال التي يمكنكم القيام بها سوياً للاستمتاع بالرحلة، دون أن تشعروا بالوقت، فكل ما عليك أن تتسمي ببعض الابتكار”.

رغم أن قضاء الأسرة لإجازة طويلة معاً تكون فرصة جيدة لتوطيد العلاقة بين كل أفرادها، إلا أنكم يجب ألا تضعوا في الاعتبار أن قضاء وقت قيم وظريف معاً يجب عدم تأجيله بالضرورة حتى تسمح الظروف بإجازة طويلة. نحن نعيش في بلد مليي بالأماكن التي يمكن أن تقضى فيها الأسرة يوماً معاً. فالمتاحف، والحدائق، والمنتزهات, والنوادي… الخ. كلها أماكن مناسبة لكي تمضي الأسرة يوماً لطيفاً معاً. فلا تتركا إيقاع الحياة السريع يتحكم بحياتكم ويسرق منكم فرص الاستمتاع بجو أسرى مليء بالمرح والحب والترابط، بل يجب أن توقفوا هذا الإيقاع من آن لآخر وتستمتعوا ببعض الوقت مع من تحبون.

نصائح للرحلات:

  • من أهم الأشياء التي يجب أن توضع في الاعتبار عند التخطيط لقضاء الإجازة التي يطول انتظارها هي أن تكون ممتعة لكل فرد في الأسرة.
  • اجلسا مع أطفالكما وقررا معاً المكان الذي يناسب الجميع.
  • قومي بعمل قائمة بكل احتياجات الرحلة قبل موعد السفر بوقت كاف مع الأخذ في الاعتبار عدم اصطحاب أشياء غير ضرورية. اجعلي كل فرد في الأسرة يراجع القائمة الخاصة به كي لا تتحملي وحدك مسؤولية نسيان أي شيء.
  • • إذا كان لديكما أصدقاء أو أقارب لهم أطفال في سن أطفالكما، ويستمتع أطفالكما بصحبتهم واللعب معهم، حاولي التنسيق معهم كي تمضوا الإجازة معاً. فهذا سيجعل الرحلة أجمل وأمتع، وستترك في ذاكرة أطفالكما أحلى الذكريات. لكن تذكري أن “الترابط الأسري” هو هدف الرحلة، فاحرصي على أن تمضوا معاً كأسرة ما يكفيكم من الوقت.
  • خذي معك بعض الألعاب المسلية التي يمكنكما اللعب بها مع أطفالكما على الشاطئ أو في غرفة الفندق. تقول أم لثلاثة أطفال: “في أثناء رحلتنا إلى البحر في العام الماضي، أخذنا معنا لعبة الـ”مونوبولى”. استمتع زوجي والأطفال, فكل ليلة قبل النوم يتسلون باللعبة. فحتى الوقت الذي كنا نمضيه في غرفتنا في الفندق لم يكن وقتاً ضائعاً”.
  • • تأكدي من حصول كل فرد في الأسرة على قسط وافر من الراحة كل يوم، فالإثارة الزائدة عن اللزوم تؤدى إلى الإرهاق مما قد يجعل أي إنسان عصبياً.
  • تجنبى إثارة الموضوعات التي قد تؤدى إلى التوتر.
  • احرصوا على تناول الوجبات الثلاث معاً على مائدة واحدة، فغالباً لن تسنح لكم هذه الفرصة عندما تنتهي الإجازة.
  • في أثناء الإجازة، حاولي القيام مع أطفالك بشيء لم تفعلاه من قبل! فستبقى هذه الأعمال في ذاكرتهم إلى الأبد. ففي بعض الأماكن السياحية عربات ذات أحصنة يمكن استئجارها، ويمكن للطفل إن يجلس بجانب الحوذي، ويمضي وقتا ممتعا لا يُنسى. فقد كانت هذه المرة الأولى التي يركب فيها مثل هذه العربة.
  • إذا كنتم ستمضون الإجازة على الشاطئ، ساعدا أطفالكما في بناء قصر ظريف على الرمال. وخذوا صوراً لهذا القصر وقوموا بتعليقها في غرفتهم بعد العودة من الإجازة.
  • اجعلا رحلتكما مفيدة, بأن تزورا مواقع أثرية وتشرحا لأطفالكما عنها.
  • اجعلا من طريق السفر الطويل متعة (إذا كنتم ستسافرون بالسيارة). أشركي أطفالك في تحضير بعض المأكولات الخفيفة والمشروبات للاستمتاع بها خلال الطريق. كوني واسعة الخيال، وفكري في ألعاب يمكنكم الاستمتاع بها في الطريق. يمكن أيضاً الاستمتاع بالغناء، أو التلوين، أو القراءة (بالنسبة للذين لا يتعبون من حركة السيارة).

Comments are disabled