الاعتداء البدني على الأطفال

رغم كل ما تحمله كلمة أمومة أو أبوة من معاني السعادة، إلا أنها أيضاً تضع مسؤولية ضخمة على الأم والأب. إحدى هذه المسؤوليات هي توفير بيئة آمنة للطفل حتى يصبح في ما بعد إنساناً سوياً وسعيداً. لكن مع الأسف، في هذه البيئة الصحية كثيراً ما يتسلل الخطر دون أن نلاحظه.

الاعتداء على الأطفال من أشد الأخطار التي قد تواجه أطفالنا، ومن أصعب الأمور التي يمكننا اكتشافها. يتم تعريف الاعتداء على الطفل على أنه “أي تصرف تجاه الطفل لا يعجبه، خارج النطاق الطبيعي المقبول”. أي ببساطة هو التصرف أو عدم القدرة على التصرف من جانب الأبوين، أو الشخص الذي يرعى الطفل، والذي قد ينتج عنه ضرر بدني أو نفسي للطفل. يضيف الأطباء: “ينقسم الاعتداء بوجه عام إلى نوعين، اعتداء بدني واعتداء نفسي. الاعتداء البدني يندرج تحته أي نوع من الاعتداءات على جسم الطفل بما في ذلك الاعتداء الجنسي. أما الاعتداء النفسي فهو أي اعتداء غير بدني ولكنه اعتداء يؤثر على الطفل نفسياً،أو عاطفياً، أو أخلاقياً.

الاعتداء العاطفي قد يكون على سبيل المثال عندما يمتنع الأبوان أو الشخص الذي يرعى الطفل عن أن يقول له أي شئ إيجابي، أو عندما يهدده بالإيذاء، أو عندما يمتنع عن الكلام معه لعدة أيام. ومن أنواع الاعتداء النفسي أيضاً نوع خفي يسمي “الاعتداء المحتمل” وهو أن يظهر الشخص المعتدي للطفل الإيذاء الذي يحدث لشخص آخر ويهدد الطفل بأنه سيحدث له مثله.

إن أي نوع من أنواع الاعتداء على الأطفال يكون تأثيره مذهلاً ومخرباً، وعادةً ما يستمر هذا التأثير مع الطفل بقية حياته. رغم أن الاعتداء على الأطفال ينقسم إلى عدة أقسام، إلا أنه نادراً ما يحدث نوع واحد فقط من الاعتداءات، فالاعتداء البدني على سبيل المثال، سواء كان اعتداءً جنسياً أم لا، يرتبط بالضرورة بالاعتداء العاطفي (النفسي).
الاعتداء البدني على الطفل:

قد يكون الاعتداء البدني ظاهرياً أو غازياً. فالاعتداء البدني الظاهري يتضمن ضرب الطفل، أو صفعه، أو لكمه، أو حرقه، … الخ. أما النوع الآخر من الاعتداء البدني فيتضمن أي نوع من الإيذاء باستخدام آلة حادة.

يقول الأطباء: “يجب ألا يضرب الأبوان طفلهما أبداً حتى إن كانا يعتقدان أن الضرب وسيلة جيدة للتربية. هناك خيط رفيع بين التربية والاعتداء. التربية السليمة هي أن نقوم بتصحيح سلوك الطفل وأن نظهر له طريقة أفضل للتصرف. أي أنه يجب ألا تكون التربية عن طريق الاعتداء البدني على الطفل, وألا تنطوي على انتهاك كرامة الطفل أو انتهاك شعوره باحترام ذاته أو تقديرها. أما الاعتداء على الطفل فهو تعمد إيذائه سواء كان ذلك إيذاءً بدنياً أم نفسياً.

الاعتداء البدني على الطفل لا يؤذي فقط الطفل بدنياً، بل يؤثر أيضاً سلباً على اتزانه العقلي وسلوكه تجاه الأطفال الآخرين والناس بشكل عام. الأب العنيف الذي يبرر معاملته القاسية والعنيفة مع طفله على أنها لصالح الطفل هو في حقيقة الأمر يخدع نفسه، فمثل هذا الأب قد يفقد أعصابه ويبدأ في ضرب طفله لو خالف قواعد معينة، حتى إن كان الأمر بسيطاً كتلوين الطفل في مجلة أو جريدة، أو استخدامه لكوب أحد الوالدين، …الخ.

الاعتداء الجنسي على الطفل:

“الاعتداء الجنسي على الطفل هو أن يتصل به شخص كبير جنسياً، قد يكون هذا الاتصال بلمس أو بدون لمس لجسم الطفل. يتضمن الاعتداء الجنسي دون لمس خداع الطفل بأن يوافق على تجربة شيء جديد, والوعد بمكافأته على ذلك، مثل التعرية أو تعريض الطفل لمناظر جنسية (مثل صور أو مجلات أو مشاهد أفلام)، أو الاثنين معاً.

إذا لم يفصح الطفل عن الاعتداء الذي تعرض له، يمكن اكتشاف حدوث الاعتداء عن طريق ملاحظة المؤشرات البدنية والسلوكية عند الطفل. قد تلاحظان مثلاً وجود جروح أو خدوش غير مفسرة في جسم الطفل، أو التقدير الضعيف للطفل تجاه نفسه، أو اكتئاب، أو عنف، أو صعوبة في المشي أو الجلوس، أو التطرف السلوكي، أو الاستحمام المتكرر، أو اضطرابات في النوم.

إذا كان الأبوان مضطرين لترك طفلهما باستمرار مع مربية أو أي شخص خارج نطاق الأسرة، يجب أن يأخذا كل الاحتياطات اللازمة (مثل سؤال من كانت المربية تعمل لديهم من قبل) للاطمئنان إلى سلوكها، وبأنها إنسانة يمكن الاعتماد عليها. من المهم أيضاً ملاحظة سلوكيات المربية، التي قد تكون إشارة على وجود خطر كأن تكون حادة السلوك، أو تعليقاتها عن الطفل دائماً سلبية، أو متحفزة دائماً في الدفاع عن نفسها، أو تتعمد إخفاء جرح في جسم الطفل، …الخ.

علمي طفلك أن يحمي نفسه:

إليك هذه الطرق:

  • احرصي على التواصل الدائم مع طفلك.
  • عرّفي طفلك أن هناك أجزاء من جسمه لا يجب أن يراها أحد غيره أو غير والديه, وأكدي عليه ألا يسمح لأحد أن يلمس الأماكن الموجودة تحت ملابسه الداخلية.
  • استمعي جيداً لطفلك عندما يقول لك أي شيء، سواء بدا لك هذا الشيء مهماً أم لا. هذا مهم لسببين, السبب الأول هو أنه يجب أن يفهم طفلك أنك ستستمعين إليه عندما يكون لديه شيء يريد أن يقوله لك، بغض النظر عن كون هذا الشيء مهماً لك كأم. السبب الثاني أن الطفل سيشعر بالثقة والراحة عندما يتحدث إليك عن أي شيء يهمه.
  • أظهري لطفلك حبك ورعايتك، وتأكدي من أنه يدرك أنك ستساندينه وتدافعين عنه دائماً.
  • لا تكوني متطرفة في تربيتك لطفلك سواء بالحزم الزائد أو التدليل الزائد.
  • لا تقللي أبداً من قيمة طفلك، ومشاعره، واهتماماته، وحتى همومه.
  • علمي طفلك ألا يخاف من قول “لا” لأي شخص قد يضايقه. هذا سيساعده على الثقة بالنفس التي سيحتاجها لكي يدافع عن نفسه عند اللزوم. فعلى سبيل المثال، إذا طلب منه شخص في حمام الحضانة أو المدرسة أن يخلع ملابسه، يجب أن يقول “لا أنا لا أخلع ملابسي أمام أحد”. فمن الصعب أن يستغل أحد الطفل الذي يتحلى بالثقة بالنفس والإرادة القوية.
  • انتبهي إلى أي تغير في سلوك طفلك.
  • لدى استحمام الطفل، افحصي جسمه وابحثي عن أي خدوش، أو جروح، …الخ.
  • اقرئي عن الاعتداء على الأطفال حتى تحمي نفسك وطفلك منه.
  • علمي طفلك ألا يذهب إلى أي مكان مع أي شخص لم تخبريه بنفسك أنه محل ثقة.
  • يجب أن تعرفي مكان طفلك في أي وقت من النهار أو الليل.
  • لا تعتمدي كلياً على المربية لرعاية طفلك, بل كوني أنت متنبهة له في كل وقت.
  • لا تغرقي طفلك بالنصائح التي تربكه، بل اجعليها بسيطة ومباشرة.

Comments are disabled