الاعتداء النفسي على الأطفال

إن من يقومون بهذه الجريمة ليسوا كائنات غريبة, وليسوا بالضرورة أشخاصاً مجانين، بل قد يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في أي مكان. وقد يكونون أغنياء أو فقراء، أو قد يكونون متعلمين، أو مدرسين، أو بوابين، أو أطباء، أو خادمين، أو يمتهنون أي نوع آخر من المهن. لكن غالباً ما تكون مشاعر هؤلاء الأشخاص سلبية تجاه أنفسهم, ولديهم مشاعر غضب تجاه العالم كله، وقد يكونون قد تعرضوا هم أنفسهم للاعتداء وهم أطفال, ويعبرون عن تلك العُقَد من خلال اعتدائهم على الأطفال.

الاعتداء النفسي يتضمن الاعتداء اللفظي، والعاطفي، والأخلاقي. وهذا النوع من الاعتداء هو عبارة عن تصرف أو سلوك أحد الأبوين, أو الشخص الذي يرعى الطفل بشكل يؤثر تأثيراً سلبياً على سلامة الطفل وتكوينه كإنسان سوي في ما بعد.

  • قد يكون هذا الاعتداء هو العقاب الشديد (مثل التهديد بمنع الطفل نهائياً من شيء معين)، أو اللوم المستمر للطفل، أو المقارنة المستمرة بين الطفل وأخيه، الذي يعتبره الأبوان أفضل منه، أو توجيه تعليقات للطفل مثل “أنت لست جيداً” أو “أنت لا تستطيع عمل شيء صحيح”, مما قد يجعل الطفل يشعر بأنه عديم القيمة, وأنه لا يستحق الحب أو الرعاية، أو حتى عندما يقول الأب، مثلاً، “التدخين ضار” ثم يدخِّن أمام الطفل، فهذا يعد شكلاً من أشكال الاعتداء الأخلاقي, لأن الأب بهذا الشكل يضع الطفل في صراع أخلاقي لا يستطيع استيعابه في هذه السن الصغيرة.

علامات هذا النوع وأعراضه لا تقتصر فقط على إصابة الطفل بالاكتئاب والانطواء فقط، بل تتضمّن أيضاً:

  • ضعفَ تقدير الطفل لذاته.
  • صعوبةً في تكوينه وحفاظه على علاقات إيجابية مع أفراد أسرته أو أصدقائه, ومشاكل في التخاطب.
  • قلقاً وخوفاً، واضطرابات في الأكل.
  • انكماشاً على نفسه، بحيثُ يصبح سلوكه عنيفاً أو دفاعياً، ويفقد القدرة على الثقة بأحد.
  • الشعورَ بالرفض من قبل الآخرين.
  • عدمَ المبالاة، وتأخراً في النمو.

عندما يتعرض الطفل بشكل دائم إلى الإهانة والتعليقات السلبية، سيؤثر ذلك حتماً بشكل سلبي على نظرته تجاه ذاته. على سبيل المثال، إذا قلت للطفل إنه غير مرغوب فيه، أو إنه كان غلطة، أو إنه لا يستطيع عمل شيء صح، سيصبح خجولاً، وانطوائياً، وسيفقد ثقته بنفسه، وإذا حاول أحد التقرب منه، قد يتصرف بعصبية أو بعنف ليحمي حقوقه.
على الجانب الآخر، إذا شعر الطفل بالأمان والرعاية، سيكتشف إمكانياته، وسيختبر قدراته، وسيصل إلى أقصى مهاراته، وسينمو باطمئنان في جو الحب والرعاية اللذين يحيطان به.

إن الآثار السلبية التي تنتج عن الاعتداء على الأطفال غالباً ما تستمر معهم طوال حياتهم. فبدلاً من أن ينمو الطفل ويتطور ويتعلم أن يعيش ويحب الآخرين وينعم باهتمامهم، يستمر معه إلى الأبد التأثير السلبي الناتج عن الاعتداء الذي قد تعرض له.

قد تنتج أيضاً عن الاعتداء على الطفل مشاكل عاطفية واجتماعية وانحراف في الشخصية, مما يؤدي إلى سلوك عنيف في البيت والمدرسة.

قد يتحاشى الطفل أيضاً وجوده مع الناس، وقد يرفض المشاركة في أي شكل من أشكال الحياة الاجتماعية، سواء مع أسرته أم مع أصدقائه. قد تظهر عليه علامات خوف شديد بشكل عام، وقد لا يثق بالمحيطين به من الكبار، أو قد ينتابه شعور بالذنب. كنتيجة للاعتداء، قد يفقد الطفل ثقته بنفسه والشعور بقيمته، وقد لا يكون قادراً على القيام بالأمور العادية مثل اتخاذ القرارات البسيطة اليومية، والاعتماد على النفس، واكتساب المهارات المدرسية الأساسية، أو التحلي بالصفة القيادية. بالنسبة للطفل الصغير، قد تكمن بداخله ذكريات الاعتداء الذي حدث له، ثم تظهر فقط بعد أن يكبر سواء عن طريق إيذاء نفسه أم إيذاء المحيطين به.

Comments are disabled