كيفية التعامل مع طفل يتحدى أمه

هل يتحداك طفلك باستمرار لدرجة أنك تشعرين بأنك ستفقدين عقلك؟ اقرئي هذا الموضوع لتعرفي أكثر عن طرق التعامل مع مثل هذه الشخصية.

يُعتبر تعاملك مع طفلك تحدياً يومياً، ورغم أنه تحدٍّ إيجابي، إلا أنه يبقى تحدياً. بعض الأطفال أكثر تحدياً من غيرهم وأقل استجابة لاتباع القواعد. هؤلاء الأطفال الذين يطلق عليهم أطباء الأطفال والمهتمون برعاية الطفل “أطفالاً صعبة الطباع” أو “أطفالاً كثيري الاحتياجات.” إذ يقولون إن الحياة مع هذه النوعية من الأطفال وتربيتهم يعتبر تحدياً. لكن المطَمْئن في الأمر أنه إذا اكتشف الأبوان مبكراً الخصال الصعبة في طفلهما, وعملا على توجيهها بعقلانية وبشكل سليم، فقد تصبح هذه الخصال الصعبة التي تجلب للطفل المشاكل في الوقت الحالي, نافعة له في ما بعد. فكل طفل يأخذ من أبويه ويعطيهما, لكن الحال تكون ثلاثة أضعاف أكثر مع هذه النوعية من الأطفال.

يقول الأطباء: إن طباع طفلك هي سلوكه الشخصي، وهى التي تفسر تصرفاته، وليست هناك طباع “جيدة” أو طباع “سيئة” لكنها فقط طباع. بعض الطباع تمثل تحدياً للآباء أكثر من غيرها، ولكن أسلوب تربية هؤلاء الأطفال يمكن أن يحدد ما إذا كانت هذه الطباع الصعبة في النهاية إضافةً للطفل أم ضرراً له. وليس معنى أن “الطفل الكثير الاحتياجات” سيأخذ دائماً، بينما الأبوان سيعطيان دائماً، فالاهتمام برعاية الطفل الكثير الاحتياجات يجعله في ما بعد شخصاً معطاءً، لأن الإنسان كلما أعطى أكثر كلما أخذ أكثر. عندما تمنحان طفلكما التربية التي تناسب متطلباته الخاصة، ستكتسبان مهارات لم تكن لديكما من قبل، كما ستكسبان طفلاً مطيعاً. أنتما لا تستطيعان اختيار طباع أو قدرات طفلكما، لكن باستطاعتكما اختيار الأسلوب الذي تشبعان به احتياجاته. وبهذه الطريقة تثريان حياتكما وحياة طفلكما.

بعض النقاط التي يجب أن تضعاها في الاعتبار:

  • التوائم بين الطفل ووالديه :

مدى انسجام العلاقة بين الطفل ووالديه هو الذي يحدد احتمال حدوث مشاكل في تربية الطفل أو عدم حدوثها في ما بعد. فبعض الآباء يعطون الطفل بشكل تلقائي كم العطاء الذي يحتاجه، بينما قد لا يجد البعض الآخر لديه القدرة على العطاء التلقائي لاحتياجات أطفالهم، فقدرتهم على العطاء لازالت تحتاج لوقت كي تنضج. عندما تكون احتياجات الطفل مناسبة لمستوى عطاء الأبوين، يقل احتمال حدوث مشاكل في التربية. وإذا حدثت، يكون حلها أسهل. فالأب أو الأم لطفل مطيع، واللذان يتسم سلوكهما بالسيطرة، يجب أن يعرفا أنهما يجب ألا يحاولا جعل شخصية الطفل كما يتمنيانها هما، بل الشخصية التي تناسب طباعه هو. الآباء الذين يتسمون بالتساهل، ويكون لديهم طفل قوي الشخصية ومسيطر، يجب أن يتذكروا أنهم هم الكبار، وعليهم التصرف من هذا المنطلق.

  • ارتبطا بطفلكما:

احرصا على الارتباط بطفلكما. فطبيعة الطفل الكثير الاحتياجات تجعله لا يرغب في إطاعة التوجيهات واعتبارها تحدياً له. الهدف من التربية هو أن يساعد الأبوان هذا الطفل على أن يكون راغباً في الطاعة, من أجل مصلحته ومصلحة أبويه. فالطفل المرتبط بأبويه يكون حريصاً على إسعادهما، وغالباً ما يكون أكثر طاعة لهما، وبدون هذا الارتباط لا يكون لدى الطفل أي سبب لطاعة والديه.

  • لا تركزا على الجوانب السلبية بل على الجوانب الإيجابية:

حددا المشاكل السلوكية في شخصية طفلكما التي تحتاج لتهذيب. لكن لا تركزا على الجوانب السلبية في شخصية الطفل، لأن ذلك غالباً ما سيزيد من ردود أفعاله السلبية. واقضيا وقتاً أكثر في تقدير الجوانب الإيجابية في شخصيته بدلاً من التعليق على الجوانب السلبية فيه.

  • لا تزيدا الأمور سوءاً:

الأطفال الصعبة الطباع يعتادون على الانتقاد والعقاب، ويصبح ذلك أمراً عادياً بالنسبة لهم. هذا الأسلوب لا يحسن من سلوكهم بل قد يجعله أسوأ. يقول الأطباء: عندما تبدآن التركيز على الجوانب الإيجابية في طفلكما، والتوقف عن التعليق على الجوانب السلبية، ستسير الأمور بينكما وبين طفلكما بشكل أفضل. لذا حاولا استخدام التعليقات الإيجابية مثل “موهوب” أو “جميل” أو “حساس” عند الحديث عنه.

  • تحكما بمشاعر الغضب:

إن الإلحاح، والصراخ، والتعنيف كلها أمور تزيد من السلوك المضاد للطفل الصعب الطباع. فالعقاب المؤذي وخاصةً الضرب، يجعل الطفل أصعب, بسبب شعوره بالغضب والخوف منكما. لذا لا تضرباه أو توجها له كلاماً جارحاً، فذلك سيقلل من شأنه ومن شأنكما أيضاً، وبدلاً من أن يطيعكما طفلكما عن رغبة, سيطيعكما عن خوف. فعلى سبيل المثال، إذا طلبت من طفلك الكثير الاحتياجات أن ينظف غرفته، سيعتبر ذلك تحدياً له، وكلما زاد عقابك له كلما زاد عدم رغبته في طاعتك، والطفل الصعب إذا كان يغضب كثيراً، فستكون لديكما مشكلة. إن الأساليب التقليدية في العقاب مثل طريقة “الوقت المستقطع”، أو الحرمان من بعض الامتيازات، نادراً ما تفيد في هذه الحالة. لكن جدوى أسلوب التربية أو عدم جدواه، كثيراً ما يتوقف على كيفية تطبيقه. فأسلوب العقاب عن طريق الحرمان من الامتيازات، إذا صاحبه غضب أو انتقام، سيكون له تأثير سيئ على الطفل، أما إذا نبع نفس أسلوب العقاب عن رغبة مخلصة في توجيه سلوك الطفل من أجل صالحه، ستصلان لهدفكما. يجب ألا تركز التربية فقط على تجنب الغضب، بل أيضاً مساعدة الطفل على تعلم أساليب التنفيس عن مشاعره السلبية.

  • التهديدات لا تجدي:

لا تهددا الطفل الصعب الطباع فهو يطيع, فقط لأنه يريد أن يطيع. يجب أن تكون طاعته لكما نابعة عن اختياره. الطفل الصعب الطباع لا يحب أن يشعر بأنه مجبر، والتهديد يحول دون اختياره لأن يكون مطيعاً. إن تربية الطفل الصعب الطباع تعتمد على كيفية إقناعه، لذلك فمن المفيد أن تدرسا طفلكما جيداً لكي تستطيعا التعامل مع طبيعته على حسب كل موقف. يقول الأطباء: إنه من الأفضل أن تقولي للطفل الذي يحب تحمل المسؤولية، “سأحملك أنت مسؤولية تنظيف غرفتك.” إذا قلت له متى وكيف يفعل ذلك، غالباً ما سيرفض الأمر كله. أما بالنسبة للطفل النشيط المتحرك، يمكنك أن تقولي له، “سأرى إن كنت ستستطيع تنظيف غرفتك قبل أن تأتى العقارب على الساعة السادسة – على سبيل المثال،” وحولي الموضوع إلى لعبة.

أما بالنسبة للطفل المنظم، فيمكنك استخدام شعوره بالواجب وحبه للنظام بقولك: “هذه الغرفة غير مرتبة، أرجو أن ترتبها.” أما بالنسبة للطفل البطيء المتراخي، فأعطِه وقتاً كافياً لكي يكون مستعداً لفكرة القيام بالمهمة، فيمكنك أن تقولي له: “نظف غرفتك قبل حلول المساء.” يجب أن يتم التعامل مع كل طفل على حسب طباعه, وهو أمر يحتاج الكثير من الذكاء والطاقة، لكن على المدى الطويل، ستنجحين في أن يصبح طفلك متعاوناً.

  • ساعدا طفلكما على إخراج طاقته :

الطفل الكثير الاحتياجات يحتاج لإخراج طاقته الزائدة ومشاعره الفياضة عن طريق ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني. أعطيا له الكثير من الفرص لممارسة الألعاب البدنية، خارج البيت إن أمكن. وشجعاه على توجيه طاقته في ركوب الدراجة أو الجري. أما إذا كنتم لا تستطيعون الخروج، أديرا بعض الموسيقى واتركاه يرقص ويتحرك هنا وهناك،  أي طريقة تساعده على إخراج طاقته الزائدة.

  • ساعدا طفلكما على النجاح:

حاولا التعرف على مواهب طفلكما ورغباته وساعداه على النجاح. وشجعاه على تعلم مهارات أو ممارسة هواية مثل العزف على آلة معينة، أو ممارسة لعبة رياضية معينة، أو الإبداع في الرسم والفنون. ولا تضعاه في مواقف لا يستطيع التعامل معها. على سبيل المثال، إذا كانت المطاعم تمثل له رهبة، حاولا تأجيل أخذه إلى المطاعم حتى يكبر قليلاً.

  • أحسنا التعامل مع المواقف:

الأطفال الصعبة الطباع كثيراً ما يزعجون آباءهم ويسيؤون اختيار الوقت المناسب. لذا حاولي تجنب ذلك من البداية. وإذا كان طفلك يسبب لك دائماً إزعاجاً عند إجراء مكالماتك التليفونية على سبيل المثال، حاولي شغله أولاً بفيلم كرتون أو بقراءة كتاب، أو قومي بعمل مكالماتك التليفونية عندما لا يكون طفلك موجوداً في المكان. لا توجد أم كاملة، وكلنا نخطئ.

إن التوازن اليومي الذي يجب أن تقوم به الأم من رعاية البيت، والاستجابة لطلبات الزوج، وتربية الأطفال، قد يمثل للأم عبئاً ثقيلاً. وإذا كنت فوق كل ذلك تعملين، فتحليك بالصبر اللازم لتربية أطفالك يكون أمراً أكثر صعوبة. لكن سريعاً سيكبر أطفالنا ويشاركون في المجتمع، وسيتزوجون، ويصبحون هم أنفسهم آباء أو أمهات. ألا يستحق كل ذلك أن نبذل أقصى جهدنا لمنحهم أفضل رعاية ممكنة؟ فبإعطاء طفلك كل الرعاية اللازمة مبكراً، ستكتسبين مهارات لم تكن لديك من قبل, وستخرجين أفضل ما فيك وأفضل ما في طفلك.

Comments are disabled