تربية طفل حنون

أحياناً يشعر الآباء بالقلق عندما يواجهون موضوع تربية أطفالهم. إن المشاحنات اليومية بخصوص إطعام الطفل، وتغيير الحفاضة له، ونوبات غضبه.. الخ، ليست هي في الواقع, الأمور التي تبعث في نفوس الآباء هذا القلق, وإنما بشكل أكبر الأمور الخاصة بكيفية توجيه أطفالهم, بشكل يستطيعون فيه اتخاذ القرارات السليمة التي تؤثر على حياتهم، وكيف يساعدونهم على فهم قيمة حياتهم وحياة الآخرين أيضاً. بمعنى آخر، كيف ينمي الأبوان في طفلهما مشاعر الحب والاهتمام تجاه الآخرين، وكيف يربون فيه الضمير أيضاً.

الطفل يأتى إلى هذه الدنيا لا يعلم شيئاً، ويحتاج لتعلم كل شيء، فإن أبويه يمثلان بالنسبة له القدوة الأولى، وبالتالي فإن المسؤولية تقع على عاتقهما. فالأبوان يمثلان بالنسبة لطفلهما القدوة في كيفية التعامل مع الآخرين، لكن قد يقلق الأبوان من أنهما ربما لا يكونان قدوة ممتازة في كل شيء. إن كل ما عليهما أن يفعلاه هو أن يكونا بالنسبة له نموذجاً للمبادئ والقيم التي يؤمنان هما بها.

   علّمي طفلك كيف يعامل أفراد الأسرة والآخرين برعاية واهتمام وأسلوب مهذب:

  • من المهم أن يلمس الطفل مشاعر الحب والرعاية بين أبويه حتى لو اختلفا أحياناً. فقد يرعب الطفل على سبيل المثال أن يرى مشاجرات بين أمه وأبيه.
  • علّمي طفلك مساعدة الآخرين, بمساعدة صديق يحتاج إليه أو بمساعدة أحد الجيران في حمل بعض المشتريات، .. الخ.
  • علّمي طفلك الاعتذار عندما يخطئ, وأن قول “آسف” لا يقلل من شأنه، بل على العكس، سيتعلم الطفل أن الاعتراف بالخطأ أفضل، وهو أمر يحدث لكل الناس.
  • علّمي طفلك أن يكون لطيفاً مع مربيته، أو أن يقول للبواب في الأعياد “كل عام وأنت بخير. فبعض الأطفال يسيؤون معاملة من لديهم إعاقة، وهم لا يدركون أن تلك المعاملة ستجرح مشاعرهم، قد يكون السبب أن الطفل لا يفهم كيف أو لماذا ذلك الشخص معاق. يمكن في هذه الحالة أن يشرح الأبوان للطفل نوع الإعـاقة التي يعانى منها ذلك الشخص، وكيف يراعى شعوره بشكل أكبر.

إن هذه السلوكيات الجيدة يمكن أيضاً أن تنطبق على معاملة الطفل لأشخاص, من خارج الأسرة أو الأصدقاء.

إليك بعض الطرق لتعليم الطفل كيفية المعاملة الحسنة:

  1. نمى في طفلك الشعور بالانتماء والمسئولية:

 من المهم أن يتعلم الطفل كيف يعامل الناس الذين يقدمون خدمات بسيطة ولكن هامة للمجتمع, بطريقة مهذبة ومتواضعة مثل ساعي البريد، وسائق التاكسي، وجامع القمامة. فيمكن أن يشجع الأبوان طفلهما على التبرع ببعض لعبه للأطفال المحتاجين أو للأيتام، أو أن يكون له دور في رعاية حيوان أليف، أو أن يعطي جزءاً من مصروفه لمن هم في حاجة إليه.

عندما نشعر الطفل أنه “منتمٍ” أو أنه “جزء من الكل”, أي ليس فقط جزءاً من أسرته, وإنما جزء من المجتمع، فإن ذلك يمنحه شعوراً بالاستقرار والأمان، وعندما تأتى الفرصة للطفل بعد ذلك لمنح المساعدة وتحمل المسؤولية داخل البيت وخارجه, فإنه سيجني مكافأته, وهى شعوره بأهميته بالنسبة للآخرين. وبمجرد أن يشعر الطفل بالرضا لاهتمامه بشخص، وتحمله المسؤولية سيصبح أكثر حناناً وتعاطفاً وسينمي ذلك عنده مشاعر الطيبة والاهتمام بالآخرين.

  1. علمي طفلك أن يشعر بالنعم التي يتمتع بها:

يوضح الأطباء “أن الطفل يشعر بالامتنان لما يتمتع به في الواقع وهذا أمر بغاية الأهمية، إذ سيعرف الطفل أن لديه من النعم ما قد لا يتمتع به أطفال آخرون. على سبيل المثال، الجوع الذي يشعر به الطفل في شهر رمضان وهو صائم, سيذكره بالجوع الذي قد يشعر به الفقراء حتى في الأيام العادية, الفرق أنه بعد بضع ساعات سيأكل ولكن الطفل الفقير قد لا يكون لديه نفس الحظ. كما قد يسلي نفسه بقراءة كتاب جديد أو لعبة في أثناء صيامه، وهو غالباً ما لا يكون متوفراً للطفل الفقير.

  1. علّمي طفلك كيف يعبر عن مشاعره السلبية مثل الغضب أو الحزن:

من المهم أن يظهر الأبوان للطفل كيف يعبر ليس فقط عن مشاعره الإيجابية، ولكن أيضاً عن مشاعره السلبية. فعلى سبيل المثال، يمكن للأبوين أن يعلما طفلهما كيفية التعبير عن الغضب دون صراخ، أو كيفية التعامل مع مشاعر الحزن بهدوء بدلاً من الإصابة بالإحباط.

بداية, من المهم أن يعرف الطفل أن المشاعر السلبية أمر طبيعي. على سبيل المثال، عندما يكون طفلك حزيناً، وضِّحي له أن هذه مشاعر طبيعية، وقولي له إنكما تحتاجان للجلوس سوياً لمناقشة أسباب حزنه وكيفية التغلب عليه. هذا السلوك يمثل بالنسبة للطفل مشاعر الاهتمام والرعاية من قبل والديه، وهكذا يتم تعليم هذه المشاعر للطفل. عندما يأتي الأب من عمله إلى البيت عصبياً أو متضايقاً ويصرخ في طفله، يجب أن يعتذر سريعاً لطفله مع الاعتراف بأنه قد أخطأ في ذلك، ويشرح له سبب تصرفه. فيمكنه أن يشرح له أن لديه مشاكل في عمله جعلته عصبياً. إن هذا سيعلم الطفل أنه يجب أن يتحكم في غضبه لكي لا يجرح شخصاً آخر، وإذا حدث وتصرف بعصبية فيجب أن يشرح السبب.

يجب أن يوضح الأبوان للطفل أن الوقاحة مع الآخرين غير مقبولة، ويجب أن يشرحا لطفلهما أنه إذا تصرف طفل معه بوقاحة يجب ألا يرد عليه بنفس الوقاحة، بل يجب أن يتجاهله, وبذلك يشعره بأن سلوكه غير مقبول.

اشرحي مشاعرك وأحاسيسك لطفلك:

اشرحي لطفلك عندما تكونين سعيدة، أو حزينة، أو مجروحة، أو قلقة. فيمكنك أن تقولي له “أنا سعيدة” عندما يشرك الأطفال الآخرين معه في لعبه، أو “أنا حزينة” عندما يسافر أحد أفراد الأسرة، أو “أنا مجروحة” عندما يقول لك كلاماً يجرح، أو “أنا قلقة” عندما يكون أخوه مريضاً أو أخته مريضة. ومع الوقت سيفهم الطفل معنى هذه المشاعر، وكيف تؤثر عليه وعلى من حوله وأنها مشاعر طبيعية تمر بكل الناس.

عاملي طفلك بنفس الاحترام الذي تعاملين به الآخرين:

عاملي طفلك بطريقة مهذبة واشرحي له ما تفعلين ولماذا. فعلى سبيل المثال، إذا كسر طفلك الأصغر كوبا,ً فبدلاً من أن تضربيه على يده وتتصرفي بعصبية، اشرحي له لماذا يعتبر ذلك تصرفاً غير سليم. بهذه الطريقة أنت تهذبينه ولكن بالاحترام الذي يستحقه وهو نفس الاحترام الذي سيعامل به الآخرين في ما بعد.

من المهم أيضاً أن تؤكدي على الميزات الحميدة في طفلك بمدحه وتقليل انتقادك له. يقول الأطباء: إن تحديد التصرفات السلبية للطفل يسهل على الأبوين عادة تعليمه الاحترام, لكن يجب في نفس الوقت الإشارة إلى الجوانب الإيجابية فيه للتأكيد على السلوكيات الحميدة لديه. على سبيل المثال، أن يشرك الطفل أطفالاً آخرين في لعبه سلوك حميد، لذلك يجب أن يُمدَح الطفل على هذا السلوك للتأكيد على هذه الصفة الحميدة فيه.

  • إن أغلب الآباء يتمنون أن يصبح أطفالهم طيبين وحنونين. لا تيأسا فبالصبر والرعاية سيصبح طفلكما إنساناً طيباً. وتذكرا أن الطفل يتعلم كيف يهتم بالآخرين ويعطف عليهم ليس فقط من مشاهدة سلوكيات غيره، ولكن أيضاً من شعوره هو بالحب، والتقييم، والرعاية من قبل الآخرين.

فعندما ينشأ الطفل في جو من الحب والرعاية، سيصبح إنساناً محباً للآخرين ومهتماً بهم. وعلى الأبوين أن يفسرا لطفلهما أنه من الممكن أن يختلف الناس في الرأي، وقد يتجادلون, لكن لا يعنى ذلك أنهم لا يهتمون ببعضهم البعض.

  • يقترح الأطباء: أنه إذا ذهب الأبوان لزيارة الجدود أو قريب مريض، يمكن أن يأخذا معهما طفلهما, ليرى كيف يهتم أبواه بأفراد أسرتهما.
  • يجب أن يتعلم الطفل الأدب بقول “لو سمحت” و “شكراً”.
  • كما يجب أن يتعلم الطيبة, وذلك بأن يشرك الأطفال الآخرين معه في اللعب بألعابه, كما أشرنا سابقاً.

العادات العصبية عند الأطفال:

ساعدي طفلك في التغلب على عاداته العصبية:

قد يرتبط طفلك بعادة من العادات العصبية مثل قضم الأظافر، أو إدخال إصبعه في أنفه، أو لف خصل من شعره على إصبعه، أو وضع شعره في فمه، أو التلعثم، وقد يرجع ذلك لعدة أسباب. فمن الضروري ألا يتجاهل الأبوان هذه العادات, ويحاولوا البحث عن سببها وكيفية التعامل معها.

لماذا يصاب الأطفال بعادات عصبية؟

يقول الأطباء: إن الضغط النفسي هو السبب الرئيسي وراء هذه العادات. فقد يصاب الأطفال بهذه العادات العصبية لعدم استطاعتهم التعبير عن قلقهم ومخاوفهم سواء لأنفسهم أم لأي شخص آخر، فالعادات العصبية تساعدهم في التغلب على القلق والبقاء هادئين في المواقف الصعبة. فلجوء الطفل لهذه العادات هو أسلوبه في إخبار أبويه، أو مدرسيه، أو أي شخص كبير آخر أنه يحتاج إلى الاهتمام والمساعدة. وبالتالي فهذه العادات هامة جداً لأنها تظهر للأبوين أن هناك مشكلة تزعج الطفل، ويجب أن يحاولوا التعرف عليها.

كيفية التعامل مع العادات العصبية:

   إن التخلص من عادة معينة ليس أمراً سهلاً، فالكبار أيضاً يعانون إذا ما حاولوا التخلص من عادة معينة مثل التدخين على سبيل المثال. أحياناً يستسهل الأبوان السكوت على عادة طفلهما ويتركاه يأخذ وقته، لعله يتغلب عليها بدلاً من اتخاذ خطوات لمساعدته. لكن الأفضل أن تساعدا طفلكما في التغلب على عاداته السيئة بالوقت والصبر.

  • كونا هادئين:

   يجب على الأبوين أن يتعاملا بهدوء قدر الإمكان مع عادة طفلهما العصبية دون إعطائها اهتماماً شديداً. وإن العادات العصبية أمراً شائعاً عند الأطفال الصغار. ولأن الطفل الصغير لا يكون على دراية بما يفعل، يجب ألا يعاقب أو يلام على ذلك. العصبية مع الطفل ستربكه فقط، والضغط على الطفل للتوقف عن العادة السيئة سيزيد فقط من ضغطه النفسي.

  • تعرفا على السبب:

   يجب أن يركز الأبوان على معرفة سبب العادة السيئة بدلاً من التركيز على العادة نفسها، إذ يجب أن يفكرا: ما الذي يضايق الطفل؟ وهل حدث أي تغير في بيئته مؤخراً؟. فالتغيرات التي لا تبدو ملحوظة للأبوين قد تكون غير هامة في نظرهما، لكنها تمثل أمراً أساسياً بالنسبة للطفل. فعلى سبيل المثال، مولد طفل جديد في الأسرة، أو الانتقال إلى بيت جديد، أو سفر أحد الوالدين للعمل، أو الانتقال إلى مرحلة مدرسية جديدة، كل هذه أمور قد تزعج الطفل. وكثيراً ما يستحق الأمر أخذ رأى شخص من خارج الأسرة يهتم بالطفل ويستطيع أن يتحدث بصراحة مع أبويه. كونه لا دخل له بالمشكلة بشكل مباشر، فغالباً ما يكون قادراً على رؤية الأشياء بشكل أكثر وضوحاً عمّن هم في المشكلة.

عبرا عن حبكما ومساندتكما لطفلكما:

من المهم أن تتأكدا من أن طفلكما يشعر بأنه محبوب بغض النظر عن أي عادة عصبية لديه. فبمنح طفلكما الكثير من الحب والمساندة، يمكنكما مساعدته في التغلب على المشكلة.

أريحا طفلكما بالكلام وطمئناه بأنكما ستكونان دائماً معه. يوضح الأطباء أنه إذا احتاج الطفل للوم أو التأنيب على سوء سلوكه في موقف معين، فيجب أن يكون نقد الأبوين للسلوك السيء فقط وليس للطفل ككل. فكثيراً عندما يتعصب الآباء يقومون بنقد أطفالهم والتعليق بكلام مثل: “أنت غبي”، أو “لا أحتمل رؤيتك”، أو “أخوك أفضل منك”، .. الخ، ولكن الآباء يجب أن يعلموا أن الطفل لا يعرف البديل السليم لسلوكه السيء وكل ما ستفعله الإهانة هي أنها ستقلل من تقديره لذاته.

متى يجب أن يقلق الأبوان من العادات العصبية؟

يصيب الأبوان قلق وتوتر عندما تصبـح العادة العصبية للطفل واضحة, لدرجة أنها تؤثر على حياته الأكاديمية والاجتماعية, فذلك أمر يبعث على القلق وقد يحتاج إلى علاج نفسي.

التعامل مع التلعثم:

التلعثم من أكثر العادات العصبية التي تقلق الأبـوين. فكثير من الأطفال الصغار وحتى سن دخول المدرسة, يتلعثمون عندما يكونون في مرحلة تعلم الكلام.

  • قد يكرر الأطفال أصواتاً معينة، أو لزمات معينة، أو كلمات قصيرة، وقد يترددون أيضاً بين نطق الكلمة والأخرى.
  • قد يظهر التلعثم بشكل أوضح عندما يكون الطفل متحمساً، أو مرهقاً بشدة، أو يعانى من ضغط نفسي.
  • وقد لا يلاحظ الطفل نفسه سلوكه, أو يكون له أي رد فعل تجاه هذا السلوك.

إن معظم الأطفال الذين يعانون من التلعثم في الكلام, يتخطون تلك المرحلة, ويتكلمون بشكل طبيعي كلما كبروا.

الأسباب التي تؤدى إلى التلعثم هي نفس الأسباب التي تؤدى إلى العادات العصبية الأخرى. يوضح الأطباء أنه ليس صحيحاً أن الطفل الذي يعانى من التلعثم, يتمتع بقدرات ذهنية أقل من غيره،

Comments are disabled