الحمل والعلاقة الزوجية

يتفق الأطباء عامةً على أن الممارسة الجنسية في أثناء فترة الحمل تعتبر آمنة إلا في حالة وجود مشاكل صحية لدى الزوجة، مثل حدوث إجهاض في حمل سابق، أو حدوث نزيف أو نزول نقط دم في الحمل الحالي. فإذا لم يحذرك طبيبك من ممارسة علاقتك الجنسية مع زوجك، يمكنك الاستمرار في الاستمتاع بهذه العلاقة الحميمة. لكن يختلف الأمر من سيدة إلى أخرى في هذا الخصوص، كما قد يختلف الحال من حمل لآخر حتى بالنسبة لنفس السيدة، فبعضهن يجدن رغبة في هذه العلاقة، بينما قد لا تهتم أخريات بها.

تنقسم فترة الحمل إلى ثلاث مراحل محددة، لكل منها تحدياتها:

الثلث الأول من الحمل:

السيدات الحوامل لا تكون لديهن دائماً الرغبة في ممارسة العلاقة الجنسية خلال هذه المرحلة من الحمل، إذ يتضاعف مستوى هرموني الإستروجين والبروجستيرون. فغثيان الصباح الذي يحدث نتيجة محاولة تكيف الجسم مع ارتفاع مستويات لهرمونات لا يشجع على الشعور بهذه الرغبة. من الأسباب التي تؤدى أيضاً إلى عدم الشعور بالراحة، ألم الثديين والرغبة المتكررة في التبول، نتيجة ضغط الرحم على المثانة.

الثلث الثاني من الحمل:

بعد مرور الشهور الأولى المضطربة من الحمل، تصل السيدات إلى مرحلة من التوازن، فيشعرن بالسعادة، ويصبحن أكثر نضارة. الكثيرات منهن يشعرن بزيادة رغبتهن الجنسية في تلك المرحلة نتيجة الحالة النفسية الجيدة التي يشعرن بها، هذا بالإضافة إلى زيادة إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يحسن الحالة المزاجية، ويحد من الشعور بالاكتئاب.

على الجانب الآخر، بعض الأزواج قد يشعر بالخوف على الجنين، وبالقلق خشية إيذائه خلال العلاقة الجنسية، بالرغم من أن الجنين يعيش في أمان بالكيس الأمنيوسي والرحم. البعض الآخر يبدأ في النظر إلى الزوجات على أنهن أصبحن أمهات، وقد تتعارض هذه الصورة في أذهانهم مع صورة الزوجة المرغوب فيها.

الثلث الأخير من الحمل:

في أغلب الحالات، يمكن ممارسة العلاقة الجنسية بشكل آمن حتى الولادة، ولكن المرحلة الثالثة قد يكون لها بعض الصعوبات على الزوجين. إن تزايد وزن الجنين قد يؤدى إلى شعور السيدة الحامل بالكثير من المتاعب الجسدية، مثل آلام الظهر والأرق. قد تجد بعض السيدات صعوبة في النوم لعدم التمكن من وضع مريح لهن في أثناء النوم. أيضاً قد تعانى السيدات في أحيان كثيرة من الحموضة بسبب ضغط الرحم على المعدة، لأن هرمون والبروجستيرون يزيد من ليونة صمام المريء, مما يؤدى إلى صعود أحماض المعدة للأعلى، وبالطبع فإن هذه المتاعب لا تساعد على الشعور بالرومانسية.
بعد الولادة:

تعتمد سرعة عودة الرغبة الجنسية للأم لسابق عهدها بعد الولادة على نوع الولادة نفسها. فالشفاء من الولادة الطبيعية يكون عادةً الأسرع. أما السيدة التي تجرى لها عملية شق العجان (شق فتحة الولادة) فقد يظل مكان القُطَب مؤلماً لأسابيع وربما لأشهر. أما السيدات اللاتي يلدن قيصرياً فيحتجن أيضاً وقتاً طويلاً للشفاء.

ينصح الأطباء بشكل عام بعدم ممارسة العلاقة الجنسية حتى انتهاء نزيف ما بعد الولادة من ثلاثة أسابيع إلى ستة أشهر بعد الولادة، لكن بعض السيدات قد تجد صعوبة في ممارسة هذه العلاقة حتى بعد سماح الطبيب لهن بذلك.

تؤثر العوامل النفسية على العلاقة الجنسية بعد الولادة، فبعض السيدات يعاني من اكتئاب ما بعد الولادة، الذي يمكن أن يستغرق من ثلاثة أسابيع إلى ستة أشهر بعد الولادة، كما يساهم الإرهاق والألم في زيادة تلك الحالة. أيضاً السيدات اللاتي لا يُصَبن بهذا الاكتئاب حتما سيشعرن بالإرهاق بسبب قلة ساعات النوم، والمتطلبات المستمرة للطفل الوليد. من الشائع بالنسبة للأمهات الجدد أن يفقدن الرغبة الجنسية ويركزن على الطفل، لكن هذه المرحلة موقتة.

الأم التي تتلقى مساعدة من الآخرين بعد الولادة، لكي تتمكن من الاستمتاع ببعض الراحة، ستهتم بالعلاقة الحميمة مع زوجها أسرع من الأم التي تعتمد على نفسها في كل شئ، ودور الزوج هنا مهم جداً، فيمكن أن يساعد في التغيير للطفل، وإطعامه، وإعطائه حمامه، وتهدئته، كما يستطيع تقديم الدعم العاطفي لزوجته. فكلما كان هناك دعم من الزوج لزوجته, كلما استعادت اهتمامها بهذه العلاقة الحميمة بشكل أسرع.

من جانب الزوجة، عليها إعطاء بعض اهتمامها لزوجها كما تهتم بطفلها، وأن تشرك زوجها في رعاية طفلهما. بهذه الطريقة سيقوّي الطفل من علاقة الأم والأب بدلاً من أن يصبح حائلا بينهما. بالصبر والتفاهم، يمكن أن تعود العلاقة الحميمة بين الزوجين كما كانت إن لم تكن أفضل.

تعتبر الممارسة الجنسية في أثناء الحمل آمنة إلا إذا كان لديك:

  • سابقة إجهاض أو نزول جنين، أو تعرضك لنزيف في الأشهر الثلاثة الأولى للحمل، أو احتمال لنزول الجنين.
    • ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل.
    • داء السكري.
    • حالة انزراع المشيمة في الجزء السفلي من الرحم.
    • تأخر في نمو الجنين نتيجة لعدم كفاءة المشيمة.
    • احتمال ولادة مبكرة أو تعرضك ولادة سابقة مبكرة.
    • انفجار الكيس الأمنيوسي أو فقدان السدادة المخاطية التي تحمى مدخل الرحم خلال الحمل، ما يؤدى إلى وجود احتمال نقل العدوى إلى الجنين، وهذا يحدث قرب موعد الولادة.

حافظي على علاقتك بزوجك:

  • ناقشي مع زوجك كل ما يفرحك وما يزعجك بخصوص علاقتكما الحميمة.
  • أخبريه إذا ما شعرت بالقلق أو التعب أو الألم وشجعيه على إشراكك في أحاسيسه ومشاعره.
  • يمكن أن تكون بعض الأوضاع في أثناء العلاقة الجنسية في فترة الحمل وبعد الولادة أكثر راحة للسيدة كأن تكون هي الأعلى أو على جانبها.
  • استعيدي علاقتك الحميمة بزوجك بالتدريج بعد الولادة ولا تفعلي شيئاً لا ترتاحين له.
  • إذا كنت لا تشعرين بارتياح لممارسة العلاقة الجنسية بسبب وزنك الزائد أو بطنك الكبير بعد الولادة، اتخذي خطوة إيجابية، واسألي طبيبك عن نظام غذائي وتمارين لتعودي إلى طبيعتك.
  • إن لم تكن لديك الرغبة في ممارسة العلاقة الجنسية، حاولي أن تشعري زوجك باهتمامك بطرق أخرى وأكدي له أنكما ستعودان كسابق عهدكما في النهاية.

لا تتشاجرا أمام أطفالكما:

إذا كنت أنت وزوجك تتشاجران أمام أطفالكما، يجب أن تتوقفا عن ذلك وتعيدا التفكير في الأمر. إن احترام الزوجين وحبهما لبعضهما البعض لا يعنى بالضرورة أنهما لا يختلفان، فالحياة الزوجية لا تخلو من الخلافات والتعارض في الآراء، لكن المهم هو كيفية التعامل مع هذه الخلافات. بمعنى أن تختلفا بأسلوب لائق، خاصة في ظل وجود أطفال, فيكون من الأجدر مراعاة هذا الأسلوب وذلك لكي تكونا لأطفالكما النموذج الذي يحتذي به, ولتوفرا بيتاً هادئاً وآمناً لهم. وقد حدثَنا الكثير من الأطباء عن تأثير جدال الأبوين أمام أطفالهما، بالإضافة إلى بعض النصائح للتحكم في هذه المجادلات.

كونا نموذجاً يحتذى به:

الأطفال يتعلمون من آبائهم الكثير، فمن الممكن تعليمهم أن تعدد الآراء أمر صحيح، والاختلاف في الرأي لا يجعل صاحبه “جيداً” أو “سيئاً”. نحن كآباء يجب أن نعلّم أبناءنا الطريقة الدقيقة والمنطقية والمقبولة عند التعبير عن رأى مخالف، فهذا هو التعبير الإيجابي عن الخلاف في وجهات النظر, جعل الناس يتمهلون ويراجعون مشاعرهم وآراءهم ويحاولون الوصول لحل الخلافات عن طريق إيجاد حلول عملية قابلة للتنفيذ.

عندما يختلف الناس بطريقة محترمة سواء مع بعضهم البعض أم مع أطفالهم، فهم بذلك يعلّمون أطفالهم أنهم عندما يعبرون عن آرائهم وتُقابَل بمعارضة، فذلك لا يقلل من هذه الآراء ولا يعنى أنها خاطئة. هذه الطريقة ستشجع الطفل على التعبير عن رأيه بسهولة, وسيشعر أن رأيه ينال التقدير حتى لو لم يتفق معه الطرف الآخر.

من الممكن أن يختلف الآباء والأطفال وبرغم أن الأبوين هما اللذان يحددان المدى الذي يُسمح للطفل بالمجادلة، إلا أن هذه الحدود يجب ألا تكون صارمة، لأن ذلك لا يعطى مجالاً للطفل كي يختلف ويعبر عن نفسه. يجب ألا ينظر الأبوان إلى اختلاف طفلهما معهما على أنه تحدٍّ لسلطتهما، فقد يكون ذلك فقط اختباراً للحدود, أو ببساطة مجرد تعبير عن رأى مخالف.

امنحا أطفالكما بيتاً آمناً :

من ناحية أخرى، إن الخلافات الكثيرة والطويلة أمام الأطفال غالباً تثير فيهم شعوراً بعدم الراحة وبالقلق، خاصةً في الأطفال الأصغر سناً. وفي حالة وجود أطفال صغار (حتى سن سبعة أو ثمانية أعوام)، غالباً ما يكون من الأفضل عدم اختلاف الأبوين أمامهم، لأن الأطفال في هذه السن يتسمون بالجمود، ولا يستطيعون فهم أن الشخص يمكن أن يتجادل مع شخص آخر دون أن يكرهه.

إذا كنت وزوجك تختلفان كثيراً، ليكن ذلك بعيداً عن لأطفال، وإذا حدث ولاحظ الأطفال هذه الخلافات، يجب إخبارهم بأنها مجرد خلافات أو مجادلات، وأن الأبوين لازالا يحترمان ويحبان بعضهما البعض،فهذا سيجعل الأطفال يشعرون بالراحة والأمان باطمئنانهم إلى أن أبويهم لن ينفصلا، هذا في حالة الخلافات الشديدة.

اجعلا الجدال بينكما مفيداً:

إذا تم التعامل بشكل سليم مع المجادلات التي تحدث بين الزوجين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقوية العلاقة بينهما، والسماح للطرفين بالتنفيس عن مشاعرهما، وتحسين التواصل بينهما، وتقليل شعورهما بالضيق. ضعا النصائح الآتية في اعتباركما عندما تتجادلان في المرة المقبلةة:

ما يجب أن تفعلاه:

  • تحدثا: غالباً ما يساعد الحديث على حل الأمور على عكس الشجار الذي لا يوصل عادةً إلى أي نتائج إيجابية.
  • انهيا الجدال وكل منكما يشعر أنه منتصر وليس هناك خاسر. بهذه الطريقة يكون كل من الزوجين قد عبر عن وجهة نظره، وتم التوصل إلى حل وسط يرضى الطرفين. يمكن أن يتكون لدى أحد الطرفين شعور بالضيق إذا شعر أنه قد “خسر” وأن الطرف الآخر هو “الفائز”.
  • تكلما في موضوع الجدال ولا توسعا نطاقه ليشمل خلافات الأسبوع أو الشهر أو العام الماضي.
  • تحدثا بنبرة هادئة ومحترمة. لا تصرخا لأن الصراخ لن يؤدى إلا إلى محاولة الدفاع عن النفس وعرقلة التواصل.
  • اختارا الوقت والمكان المناسبين للحديث، أي عندما يكون كل منكما مرتاحاً وغير مرهق وغير قلق من أمر آخر. هذه العوامل ستعوق النقاش البناء، فإذا لم تستطيعا الاستمرار في المناقشة بشكل إيجابي وودي، توقفا عن النقاش واستأنفاه في وقت لاحق.
  • تجنبا اللوم. استخدما عبارات توضح مشاعركما بدلاً من استخدام عبارات الاتهام لبعضكما البعض.
  • اقصرا الخلاف عليكما أنتما الاثنين ولا تقحما فيه طرفاً ثالثاً مثل أحد الأخوة أو الأصدقاء.
  • اتسما بالمرونة وأظهرا استعدادكما لقبول حلول وسط. يمكنكما عمل قائمة بالحلول البديلة التي لديكما استعداد لتجربتها. أحياناً لا يكون هناك حل مقبول للطرفين، وأحياناً يكون الحل هو أن تتفقا على ألا تتفقا.
  • بعد كل خلاف بينكما وقبل الوصول لأي قرار أو حل، من المهم أن يأخذ الطرفان وقتاً كافياً للتفكير في كل ما قيل وتمت مناقشته. بهذه الطريقة هما يعطيان أنفسهما وبعضهما البعض وقتاً للتفكير بشكل جيد في النقاط التي نوقشت والبدائل التي طرحت.
  • اعتذرا إذا أخطأتما.

ما يجب ألا تفعلاه:

  • لا تقاطعا بعضكما البعض. ويجب أن يستمع كل منكما للآخر وأن يعطى للطرف الآخر الوقت الكافي لعرض وجهة نظره. هذا النوع من الاحترام يعطى إحساساً للإنسان بأن وجهة نظره هامة وتنال الاهتمام والتقدير.
  • لا تدعا الجدال يطول، فمن الأفضل تقصير مدة الجدال واستئنافه في وقت لاحق مع الاتفاق على ألا يحمل أي منكما للآخر أي ضغينة خلال هذه المدة.
  • لا تستسلما وتنسحبا في وسط المجادلة أو المناقشة، كما يجب عدم اللجوء للتهديدات مثل التهديد بالانفصال. فعادةً تكون هذه التهديدات غير واقعية، وتوسع حجم الشقاق ولا تؤدى إلى الوصول لأي حلول.
  • لا تستخدما أسلوب السخرية والتقليل من شأن بعضكما البعض، فهذا سيزيد من مشاعر الضيق عندكما.
  • لا تسعيا للانتصار، بل لإنجاح علاقتكما الزوجية، وتذكرا أن تنهيا الجدال وكل منكما يشعر بالانتصار.
  • لا تنسيا التسامح ولا تجعلا كبرياءكما يمنعكما من طلب السماح.
  • كل الأزواج يختلفون ويتجادلون، وعادةً لا تكون المشكلة في موضوع الخلاف بل في الصعوبات التي تنشأ من عدم قدرة أحد الطرفين أو كلاهما على الاختلاف بشكل فعال ومحترم. لا تنسيا أن أغلب المشاكل عادةً ما يكون لها أكثر من حل، المهم هو الوصول للحلول التي ترضى الطرفين.

Comments are disabled