الدراجة والحمار

عادت “زينة” إلى البيت تحمل قي يدها بعض اللوازم التي كانت أمها قد طلبت منها شراءها من الحانوت القريب. فجأةً التقت ابن جيرانها “مروان”، وقد ربط يده ورأسه بالشاش الطبي. في البداية أثار المشهد لديها رغبة بالضحك، لكنها تماسكت وسألته: ما القصة؟ أجابها باختصار: وقعت. ومضى مسرعاً كأنه خجل من مظهره المضحك المبكي.

قصَّت “زينة” على أمها ما شاهدته، فقررت الأم أن تزور أهل “مروان” في المساء، فـأخذت “زينة” معها. وهناك، جلس الكبار معاً، بينما جلس “مروان” وأخته “ليلى” مع “زينة”، وراح المسكين يروي قصته:

اشترى لي والدي دراجة، وفاءً لما وعدني به خلال العام الدراسي، فقررنا، أنا وعدة أصدقاء أن نقوم برحلة على الدراجات إلى بستان صديق لنا، وهكذا كان.

وبينما نحن هناك، سمعت صوت فلاح صغير يغني، ويقود حماراً، ويضربه بعنف، آمراً إياه بالاستعجال، وما هي إلا لحظات حتى ظهر لنا الشاب الصغير، فأشفقت على الحيوان المسكين، وتمنيت لو كان لديّ مثلُه، فسألني صديقي إن كنتُ أرغب بركوبه فأجبته: يا ليت!

نادى صديقي على الشاب الصغير، وطلب منه أن يعيرني الحمار، فاشترط عليّ أن أعيره دراجتي، فوافقتُ فوراً، وتواعدنا أن نلتقي بعد ساعة، ويا ليت ما حصل لم يحصل!

لم أستطع التعامل مع الحمار الذي تعود تنفيذ الأوامر الصارمة والمعاملة القاسية، فقد كنت أقول له:

دي إذا بتريد.. إلى اليسار لو سمحت..

كان يحاول أن يرفسني، ثم أوقعني على الأرض فوق الحجارة، ولولا أنني مسؤول عن إعادته لصاحبه لكنت تركته في البرية وعدت.

أما الشاب صاحب الحمار، فقد حاول ركوب الدراجة عدة مرات ووقع، وعاد هو الآخر مدمّى اليدين والرأس، وراح صديقي ينظف جروحي وجروحه، ويضمّدها.

حين عاد والد صديقي واستمع إلى ما حدث، ضحك وقال لنا:

أخطأتما أنتما الاثنين، فقد وُجِدت الدراجة لشوارع المدينة، أما شوارع القرية الترابية، فقد وُجد لها الحمار.. وقد نال كل منكما جزاءه لأنه استخدم الشيء في غير مكانه.

لم تتمالك “زينة” نفسها فضحكت حتى أدمعت عيناها السوداوان الجميلتان، وهي تقول لـ”مروان”:

بداية عطلة صيفية موفقة!!

Comments are disabled