بيني وبين غوار

اسمي من الأسماء القليلة، ففي جميع كليات جامعة حلب، لم يكن هناك سوى واحد غيري بنفس الاسم (الأول طبعاً). بالطبع، هذا الأمر أراحني من تشابه الأسماء، وما يحصل نتيجة ذلك من متاعب، فقد روى لي المرحوم ياسر عبد ربه، الصحفي، قصصاً عن تشابه اسمه مع ياسر عبد ربه، القيادي الفلسطيني، و”الإرهابي”، في سجلات الأمن الغربي، في ذلك الوقت، على سبيل المثال.

في الحقيقة، أنا كنت أعاني من مشكلة أخرى، وهو اسم الفنان دريد لحام الفني “غوار”، وهذا ما وضعني في مواقف، مضحكة على الأقل.

عملت بعد تخرجي في حقل تربية الدواجن، وكنت الخبير الوحيد لمدة من الزمن في منطقة واسعة، لذلك لم أكن أهدأ في تلك الفترة، فالطلب علي شديد، نهاراً وليلاً، وكنت أقود سيارتي في بعض الأيام مئات الكيلومترات، وصلت في أحد الأيام الذي لا أنساه إلى سبعمئة كيلومتر خلال أربع وعشرين ساعة لم أعرف خلالها النوم، إلا قبل أن أصل بيتي بعشرة كيلومترات، حين نمت وأنا أقود السيارة، وأيقظني من كانوا معي، حين أشرفت على الخروج عن الطريق.

هتف لي أحد الزملاء بعد ظهر أحد الأيام، طالباً مني الحضور إلى مكتبه، فقد كانت هناك حالة تستوجب حضوري. حين وصلت، قال لي: هناك شخص لديه مشكلة في قطيعه، وهو ينتظرك في المكتب العلوي، فصعدت إليه، فنهض مسلِّماً، ولم أكن أعرفه، فبادرني القول ونحن نجلس على مقعدينا:

  • سألت الأستاذ نعيم عن أهم خبير دواجن، فأنا مربٍّ جديد، فقال لي إن الأستاذ “غوار” أهم خبير دواجن لدينا.

استمعت إليه، وإلى مشكلته، وهو يناديني “أستاذ غوار” طوال الوقت، دون أن يبدو عليه أي قصد، فقد اعتقد أن كل دريد غوار.

مرة أخرى، كنت في مجلس عام، أعرف عدداً من الحاضرين، لكنني لا أعرف العدد الأكبر منهم. دارت أحاديث كثيرة بيني وبين أصدقائي، وكان الآخرون يستمعون ويتفاعلون مع ما نتحدث. فطلب مني أحد أصدقائي أن أعيره ديوان “بدوي الجبل”، فأجبته بالاعتذار، سألني لماذا؟ أجبته بصراحة: “أنت تستعير الكتاب ولا تعيده، أعد لي كتبي الأخرى التي استعرتها من قبل أولاً”. أخذ يرجوني والحضور يستمعون، وطال الجدال.

حين وجدته مصرّاً، اشترطت عليه أن يدفع لي مئة ليرة كضمانة لإعادته، فأجابني: “إذا كان ثمنه في المكتبة خمسين ليرة، لماذا تطلب مئة؟” أجبته: “أنا لا أريد أن أبيعه، أريد أن يعود كتابي إلى مكتبتي” . كان ذلك عام 1981 على ما أذكر. لكنه ظل يلح عليَّ بشدة.

كان بين الحضور رجل عجوز، ينظر إليّ وإلى صديقي الذي يريد أن يستعير الكتاب، ويبدو أنه أشفق عليه من كثرة إلحاحه، وكان يستمع إلى الآخرين ينادونني “أستاذ دريد”، فخرج عن صمته، وقال لي بلهجة مَن أعياه الصبر:

  • أستاذ دريد.. أعطه الكتاب، فقد “نشف ريقه”.
  • قلت: يا حاج.. يأخذ الكتاب ولا يعيده!!

قال بعصبية:

  • وما الفرق بالنسبة إليك؟ إن ما تقبضه من تمثيلية واحدة يعادل أضعاف أضعاف ثمن الكتاب…

كان الرجل يظن طوال الوقت أنني الفنان دريد لحام…

وما أعانيه حين أطلب اسمي على الإنترنت، التداخل بين اسمي واسم الفنان الكبير، كونه سفير نوايا، فتضاف كنيتي إلى اسمه، ويزداد التداخل.

وهناك قصص أخرى، تقتضي الحشمة والأدب ألا أرويها!!

Comments are disabled