تجربتي في الدراما التلفزيونية

تابعت مسيرتي، تعرفت بالمخرج الأردني عمر العلي (رحمه الله) الذي جاء إلى اللتيرنا يريد عملاً تلفزيونياً. والحقيقة أنني كنت قد تبادلت الحديث مع حسين حمزة، وقررنا كتابة مسلسل تلفزيوني، بعد أن اطلعت على سيناريوهات بعض الأعمال، وأحببت هذا النوع من الكتابة، أم تسويق العمل، فهو سهل على حسين بسبب معارفه الكثيرة.

طلب المرحوم عمر العلي مسلسلاً استعراضياً، فيه السيناريو والحوار والأغنية والرقصة، وعرَّفنا بفرقة مصرية ترقص في دمشق، تتألف من ستة راقصين، وست راقصات، إضافة إلى مدير الفرقة، الذي عرَّفنا عليه على أنه أحد أزواج الراقصة الأكثر شهرة في ذلك الزمن، عام 1979.

كانت هذه الفرقة تستأجر فيلا في منطقة قدسيّا، فدعونا للعشاء والتداول بشأن المسلسل، وتلك كانت المرة الأولى التي أتعرف بها على قدسيا، التي أسكنها منذ ستة عشر عاماً.

تم توزيع الأدوار بحيث تتألف الحلقة الأولى من الحديث عن الفرقة وكيفية تأسيسها، ثو تتوالى الحلقات الإثنا عشر، لتروي كل حلقة قصة حياة أحد الراقصين أو الراقصات، وتنتهي كل حلقة بأغنية ورقصة.

سهرنا ثلاث ليال متتالية في الفيلا التي تستأجرها الفرقة، نتناقش في العمل، بحيث أكتب أنا السيناريو والحوار، ويكتب حسين حمزة الأغنية، واقترح حسين أن يلحنها إبراهيم جودت، ويقوم رئيس الفرقة لتصميم الرقصة وتدريب الفرقة عليها، ولم يبق إلا كتابة العقد، ودفع السلفة.

عدنا إلى اللاتيرنا، على موعد مع عمر العلي ظهر أحد الأيام، وكان كل شيء جاهزاً، وحضر الرجل، وأخرج دفتر الشيكات ليدفع لنا السلفة، وكانت تبلغ على ما أذكر ثمانين ألف ليرة، إذا لم تخنّي الذاكرة، لكن حسين اعترض.

  • – أنا لا أقبض إلا نقداً.. ولا أقبل الشيكات..

هكذا قال حسين، وبالطبع لم أختلف معه، فقال عمر إنه سيعود إذا توفر المبلغ معه مساء، وإذا لم يتوفر، سيسحب المال من المصرف في الغد، ويلقانا في اللاتيرنا ظهراً.

في المساء لم يأتِ عمر، فقلنا لعله لم يتمكن من تأمين المبلغ، فقد كان بالفعل مبلغاً كبيراً في ذلك الزمن (1979).

في اليوم التالي انتظرنا عمر العلي حتى المساء، لكنه لم يحضر، وبعد يومين علمنا أنه سافر إلى الأردن.

ماذا حدث؟

حين خرج عمر من اللاتيرنا التقى الكاتب المعروف ممدوح عدوان (رحمه الله)، وكان لدى ممدوح عمل درامي تلفزيوني جاهز، أطلعه عليه، فأعجبه، وقرر إنتاجه، وبذلك صرف النظر عن العمل الذي أمضينا أسبوعاً نحضِّر له، لكن المرحوم عمر لم يكلف نفسه عناء الاعتذار منا، وسافر إلى عمّان.

وهكذا.. تبخر المشروع، لكنني سُحرت بليل قدسيا، وبقيت في بالي، حتى سكنتها، وأحببتها، ولا أزال مقيماً فيها منذ العام 1992، وكان هذا هو المكسب

Comments are disabled