بعض طرق معالجة الفاروا بعيداً عن استخدام المبيدات

الدكتور تمام العابد

 عندما يكتشف مرض الفاروا، يغدو من الضروري، وبشكل سريع، إجراء معالجة للحد من تقدم المرض. وقد أظهرت التجارب حتى الآن أن المكافحة ضد الفاروا صعبة وذلك نتيجة للسلوك البيولوجي للطفيلي ولعدم إمكانية القضاء على جميع الأطوار. إضافة  أنه لا يوجد هناك معالجة قادرة على إبعاد كلي لأفراد الفاروا من الخلية المصابة. والأفراد التي بقيت حية قادرة على إعادة إصابة الخلية بدرجة الإصابة ذاتها أو أكثر خطورة، وهذا يعتمد على قوة الطائفة وعلى العوامل المتعلقة بتطور الفاروا وطرق تربية النحل المتبعة. وبالتالي فإن خطر إعادة الإصابة موجود دائماً.

هناك بعض الإجراءات لتجنب الإصابة، رغم أن هذه الإجراءات لا يمكنها إيقاف أو منع الإصابة بالفاروا للطوائف غير المصابة إضافة إلى أنها لا تنقذ الطوائف منذ عدة سنوات. إلا أن هذه الإجراءات تحد من زيادة الإصابة وتوفر للطوائف قدرة على تحمل الإصابة لأطول فترة ممكنة. وهي تعني إجراءات اعتيادية ضمن المنحل فمثلاً يفضل القراد الأماكن التي تكون فيها الرطوبة مرتفعة ولهذا ينصح بوضع الخلايا في أماكن جافة ومشمسة مع عزلها عن الأرض (10)، كما يمكن أن يكون اختيار سلالة النحل ضمن الإجراءات في ما يتعلق بفترة تطور الحضنة وسلوك النحل. ويبدو أن النحل الأوروبي المهجن مع النحل الإفريقي يملك مقاومة ضد قراد الفاروا (3)، فهو ينتج ذكوراً أكثر مما في الطوائف الأوروبية. ويمكن تفسير هذه الظاهرة بسبب فترة تطور الحضنة، لأن النحل الأوروبي المهجن مع النحل الإفريقي يتصف بفترة تطور حضنة قصيرة. علماً بأن اختصار ساعة من فترة إغلاق العيون السداسية يؤدي إلى انخفاض في النسبة النهائية للإصابة بمقدار 8,7% (2).

كذلك، يمكن أن يكون لون وحجم النحل عاملاً دفاعياً ضد الإصابة بالفاروا، أو على الأقل ضد زيادة مستوى الإصابة. فقد لاحظنا أن الطوائف ذات اللون الأصفر مثل سلالة “ستارلاين” (starlone) كانت تحتوي على عدد أقل من أفراد الفاروا مقارنة مع ذات اللون القاتم أو الأسود، مثل النحل الفرنسي والنحل القوقازي. كما لفت انتباهنا أن السلالة المتواجدة في سورية اشد تحملاً للفاروا، لكن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسة لتأكيد هذه الصفة. يمكن أن تكون هذه الظاهرة مرتبطة بالصفات الخاصة لكل من هذه السلالات وسلوكها. وفي إحدى دراساتنا على قراد الفاروا لم نلاحظ أبداً أفراداً من الفاروا على العاملات الكبيرة الحجم، أو على العاملات ذات الحجم الصغير، بما فيها العاملات الضامرة أو المشوهة.

طرق مكافحة الفاروا:

لمكافحة الفاروا اتبعت عدة أساليب منها:

  1.  المكافحة الكيميائية: وهي تعتمد على استخدام مبيدات العناكب acaricidesبشكل أساسي. تمتاز هذه الطريقة بأنها سهلة التطبيق وسريعة الفعالية. ويشترط أن يكون المبيد المستخدم شديد السمية للفاروا وغير سام للنحل، وأن تكون بقاياه في منتجات الطائفة معدومة أو قليلة التأثير والفعالية، فلا تؤثر على صحة الإنسان، وأخيراً أن يكون ثابتاً في أثناء الاستخدام.
  2.  المكافحة الحرارية: وهي تتمثل حسب الأبحاث السوفيتية، بأن يعرض النحل البالغ، عدا الملكة، إلى درجة حرارة 48 م لمدة 20 دقيقة، لأن النحل يموت على درجة حرارة قدرها (49 – 50)ْم. وقد قام Hoppe و Ritter (4) عام 1986 بعمل وشيعة حرارية تصدر هواء ساخناً داخل الخلية. وقد أوضحت التجربة الحقلية أن نسبة 23 و38% وسطياً من أفراد الفاروا قد قتلت، وذلك على درجة حرارة 48 م خلال 20 دقيقة، و50م خلال 15 دقيقة على التوالي.
  3.  المكافحة البيولوجية: وتعني تطفل نوع من الفيروسات أو البكتيريا أو الفطور على قراد الفاروا. مثل بكتيريا bacillus thuringiensis التي تغير تطور الفاروا داخل العيون السداسية المغلقة، وكذلك الفيروس Borrelinavirus bombycis الذي يؤدي إلى اضطراب في جنين الفاروا. لكن الدراسات لم تعطِ أي نتيجة في هذا الموضوع.
  4.  المكافحة الميكانيكية أو المكافحة الطبيعية: وهناك عدة تقنيات تندرج تحت هذا الموضوع، لكن جميع هذه الطرق تعتمد على أساسين اثنين هما:
  5. حجز إناث الفاروا داخل الحضنة المغلقة للعاملات أو الذكور على حد سواء.
  6. إيقاف عملية وضع البيض عند الملكة لفترة قصيرة أو طويلة.

وفي حالات عدة يتحد هذان الأساسان معاً. وفي كل الأحوال تعتمد الطرق الطبيعية على حالة الدورة البيولوجية للفاروا من جهة، وعلى الدورة البيولوجية للنحل والملكة من جهة أخرى. وهي تتطلب برنامجاً محدداً للعمل، ولا يحتمل أي خطأ أو أي تأخير في تطبيقه. يعاب على هذه الطريقة أنها متعبة وبطيئة، وتحتاج إلى وقت، إضافة إلى ضعف فعاليتها، مقارنة بالطرق الكيميائية. وسنذكر، بالتفصيل، بعض الطرق المتبعة ضمن هذا الأسلوب:

1: طريق التفخيخ على أطر الحضنة:

عند دراسة تطور الفاروا نلاحظ ما يلي:

  1. لا تدخل أنثى الفاروا من أجل عملية البيض إلى العين السداسية إلا قبل ساعات من إغلاقها، ولا تبيض إلا بعد أن تكون الحضنة مغلقة.
  2. مدة التطور للنحل، عند أغلب السلالات، ما بين عملية إغلاق الحضنة وخروج العاملات منها، تتراوح بين 11 و12 يوماً.
  3. مدة تطور الذكور تتراوح، ما بين الإغلاق وخروجها من العيون السداسية، بين 13 و14 يوماً.
  4. الفترة، ما بين خروج أنثى الفاروا من العين السداسية (مع العاملة أو الذكر) ودخولها عيناً سداسية جديدة لوضع البيض، هي 9 أيام (فترة ضرورية للخصوبة).

1-1-التفخيخ باستخدام حضنة العاملات: (الشكل1):

تتم هذه الطريقة من أجل إبعاد الأغلبية من إناث الفاروا في وقت يلائم العمليات التالية حسب البرنامج التالي:

يوم 0 : وتتم فيه الإجراءات التالية:

  1. سحب جميع الأطر الحاوية على الحضنة المغلقة, وبهذا نبعد جميع إناث الفاروا الجديدة التي ستفقس.
  2. وضع أطر A.B.C الحاوية على حضنة عاملات مفتوحة في مركز الخلية.
  3. إدخال 2 أو 3 أطر جديدة G.F.E من ذات الجهة التي وضعت فيها أطر الحضنة المفتوحة.
  4. وضع حاجز ملكات فاصل قريباً من أول إطار حضنة مفتوحة، وذلك لمنع الملكة من زيارة القسم الآخر من الخلية.
  5. ضمان أن الملكة في الجهة التي وضعت فيها أطر الحضنة المفتوحة.
  6. تأمين تغذية تحريضية خفيفة.

يوم +9: وتنفذ فيه العمليات التالية:

  1. نزع وإتلاف أطر الحضنة A.B.C التي أصبحت بغالبيتها مغلقة. وهذه الأطر تحجز إناثاً ناضجة من الفاروا التي وضعت بيضها داخل العيون السداسية.
  2. وضع الأطر G.F.E مكان الأطر A.B.C.
  3. إدخال أطر جديدة أخرى J.K.L تحوي أساسات شمعية أو عيون سداسية مسحوبة (ممطوطة) مكان الأطر G.F.E.
  4. التأكد من وجود الملكة.
  5. متابعة التغذية التحريضية.
  6. يوم 20: تقوم فيه العمليات التالية:
  7. سحب الأطر G.F.E الحاوية على حضنة مغلقة الآن (يمكننا أن نقص الجزء الحاوي على هذه الحضنة فقط).
  8. نزع حاجز الملكات الفاصل.
  9. التأكد من عدم وجود عيون سداسية مغلقة على الأطر J.K.L (تقص في حال وجودها).
  10. إدخال إطار أو عدة أطر من الحضنة المغلقة تؤخذ من خلايا سليمة إلى الخلية.
  11. القيام بإجراء معالجة كيميائية. وهذه موجهة لقتل إناث الفاروا التي لم تبض مرة أو مرتين.

النتيجة: أظهرت النتيجة، بعد إجراء دورتين أو ثلاث دورات بتغيير الأطر، أن هذه الطريقة استطاعت إبعاد 75-95 % من إناث الفاروا.

1-2-التفخيخ بحجز الملكة على الإطار الفخ: (الشكل2)

لم تستخدم طريقة الإطار الفخ إلا قليلاً من قبل النحالين، لأنها تتطلب عملاً صعباً نوعاً ما. وهي مقترحة في ألمانيا من قبل Rutter، وتقلل بشكل فعال إصابة الخلية عند إعطائها الإطار الفخ، وهو إطار من الحضنة المفتوحة. والطريقة المتبعة هنا تعتبر ذات هدفين: الأول معالجة الإصابة بالفاروا، والثاني معالجة التطريد في الخلية المعالجة. لتطبيق هذه الطريقة (6) نتبع التالي:

اليوم 0: تنظم أطر الخلية ضمن صندوقي تربية يفصل بينهما قاعدة خلية. توضع جميع أطر الحضنة داخل الصندوق العلوي الذي تكون فتحة الطيران الخاصة به نحو الخلف (وهي الجديدة). أما فتحة الطيران القديمة فتخصص للصندوق السفلي، وهي نحو الأمام. توضع الملكة داخل الصندوق السفلي محجوزة على الإطار الفخ، الذي يغطيه حاجز ملكات من الوجهين (الشكل 3)، وبالتالي لا يمكن للملكة وضع البيض إلا داخل هذا الإطار.

اليوم +9: تتلف البيوت الملكية المتكونة داخل الصندوق العلوي، وتترك واحدة فقط ضمن قفص، لكي لا تشعر الطائفة باليتم.

اليوم +14: ينزع الإطار الذي حجزت الملكة فيه، ويفحص في المخبر ويتلف، ثم تحرر الملكة، ويمكنها أن تبيض على أطر الصندوق السفلي.

اليوم +22: تكون الحضنة قد ولدت كلها في الصندوق العلوي. ينزع إطاران من الحضنة المفتوحة من الصندوق السفلي، ويوضعان داخل الصندوق العلوي لكي تتمكن إناث الفاروا من وضع البيض والتكاثر فيهما.

اليوم +34: يصبح الإطاران المنقولان مختومين الآن، فينزعان من الصندوق العلوي ويتلفان. ثم تضم الطائفتان بعد ذلك باستبدال القاعدة بورق الجرائد.

النتائج والملاحظات:

قدرت النتائج على مدى سنتين. في السنة الأولى قدر الإطار الفخ في الصندوق السفلي التقاط 27 فرداً من الفاروا بينما التقط الإطاران الفخ في الصندوق العلوي 2258 فرداً من الفاروا. أما في السنة الثانية كانت النتيجة 90 فرداً من الفاروا و 3535 فرداً من الفاروا على التوالي.

 يبدو أن الإطار الفخ في الصندوق السفلي كان قليل الجذب للفاروا. حيث أن العاملات السارحات أقل إصابة بالفاروا، ولأن الفاروا ليس لديها الميل للتكاثر. أما الأطر الفخ في الصندوق العلوي كانت جاذبة بشكل قوي، حيث لم تتمكن إناث الفاروا من التكاثر منذ أسبوعين.

يمكن استخدام الإطار ذي الشبك بدلاً عن القاعدة للفصل بين الصندوقين، ويفضل استخدام طبقتين من الشبك، وهذا يسمح أن تكون الرائحة الملكية مشتركة بين الطائفتين.

1-3-التفخيخ ضمن حضنة الذكور (8 و 9):

وهي تتضمن تحريض الطائفة على بناء إطار أو عدة أطر من العيون الذكرية التي ستنجذب إليها إناث الفاروا بأغلبية ساحقة. وعندما تصبح جميع العيون السداسية مغلقة يقوم مربي النحل بنزع هذه الأطر من الخلية ويغمرها خلال ثلاث ساعات تقريباً بالماء على حرارة 55م، ثم تزال أغطية العيون السداسية. تستبدل هذه الأطر في وسط الخلية. تكرر العملية مرة أو مرتين.

2- تفخيخ إناث الفاروا بالفيرمونات الذكرية:

وهي من أبحاث البروفيسور tursch et guermant (9). عندما يكون قراد الفاروا على عاملات سارحات أو ذكر، يجب في لحظة معينة أن يعبر إلى عاملة مرضعة تقوده إلى اليرقات. ومن الملاحظ أنه عند وجود حضنة العاملات والذكور في آن واحد، يظهر قراد الفاروا نوعاً من التفضيل نحو حضنة الذكور. وتكون الإصابة أعلى بمعدل 6 – 8 مرات، مما عند حضنة العاملات، وبالتالي:

تعتمد الطريقة على استخدام مركب جاذب مستخلص من مسحوق يرقات الذكور التي طحنت وأصبحت على شكل كريم. وتتلخص هذه الطريقة بإدخال المادة الجاذبة في كل عين سداسية بواسطة حقنة خاصة بمقدار 1 ميكروليتر (يتم العمل في غرفة بعيداً عن المنحل). كما يمكن نشر المادة على شكل رذاذ (SPRAY). وبقي موضوع المادة الجاذبة المستخلصة من مسحوق يرقات الذكور سراً. علماً بأن البحوث الأولية في هذا المجال كانت على مسحوق الذكور، إلا أن الباحث أشار إلى نتيجة غير مرضية بالنسبة لجذب الفاروا.

التوصيات بالنسبة للطرق الطبيعية:

  1. ينصح دائماً بإجراء مكافحة كيميائية في نهاية كل طريقة معالجة طبيعية. لأن هذه الطرق تقلل من الفاروا في الخلية ولا تخلصه منها.
  2. ينصح بإضافة إطارين من الحضنة المغلقة من خلية سليمة إلى الخلية المعالجة بالطريقة الطبيعية.
  3. ينصح بتغذية الطائفة التي طبقت عليها الطريقة الطبيعية تغذية تحريضية.
  4. عندما يتبع جميع النحالين طريقة التفخيخ ضمن حضنة الذكور، يخشى من قلة التنوع الوراثي للسلالات المحلية، بسبب قلة الذكور.

الخاتمة:

يمكن للطرق الطبيعية أن تقلل من قوة الطائفة، وعلى مربي النحل أن يختار أقل الطرق إساءة، والتي تسمح من ناحية أخرى بعودة الطائفة بشكل أسرع إلى أنشطتها. وإن هذه الطرق تتطلب إشرافاً كاملاً أو معرفة جيدة بتربية الملكات وإدخالها على الأقل. وبالتالي فإن هذه الطرق لا تلائم النحالين المبتدئين. علماً بأن هذه الطرق، حسب الباحثين، لا تحتاج إلا إلى 15 دقيقة من العمل في الخلية على الأكثر. ومن جهة أخرى لا يمكن أن يعمل بهذه الطرق إلا في بداية الفترة التي نكون فيها متأكدين من وجود بيئة مناسبة لتطور الطائفة. وتتمثل الفائدة الأساسية من هذه الطرق أنها تطبق في الربيع، فهي الفترة التي تصبح الطرق الكيميائية العادية غير فعالة حيث الحضنة المغلقة التي تخفي جيلاً جديداً من الفاروا.

كما تعطي هذه الطرق فرصة للابتعاد عن المكافحة الكيميائية والمبيدات وما تخلفه من آثار متبقية في العسل، خاصة وأن العسل في القطر العربي السوري يستخدم كدواء أكثر منه كغذاء. وتبقى الغاية الأهم من استخدام هذه الطرق هو تحقيق الغاية البيئية حين يتحقق الاستغناء، وإن كان جزئياً، عن المبيدات.

Comments are disabled