البنفسجة وزهرة الليل
على سفح تلٍّ حافل بأزهار البنفسج، كان هناك كوخ صغير، يعيش فيه رجل طيب وزوجته اللطيفة، لكن الله لم يرزقهما أطفالاً، فكانا شديدَي الشوق ليكون لَهما طفل أو طفلة، تملأ الكوخ سعادةً.
ذاتَ يوم، فتحت الزوجة نافذة الكوخ في الصباح الباكر، وقالت وهي تتجه إلى السماء:
- يا رب.. ارزقني طفلة أنعم بتربيتها مع زوجي، وتكون لنا كل شيء في الحياة.
بعد ثلاثة أيام، سمع الزوجان ضربات لطيفة على باب الكوخ. فتحت الزوجة الباب فشاهدت أمامها طفلة لطيفة صغيرة جداً، لا يزيد طولها عن طول الشمعة عندما تقف على رؤوس أصابع قدميها، وتضع على رأسها تاجاً من البنفسج.
وقبل أن تنطق السيدة بكلمة واحدة، فالت الطفلة:
- أنا زهرة البنفسج، فتاة المروج، أرسلتني ملكة البنفسج لأكون ابنة لكما.
كانت فرحة الزوجين غامرة وهما يستقبلانها، لكن البنفسجة تابعت:
- لن تحتاجا لإطعامي، كل ما أحتاج إليه قطرات من الماء من حين لآخر، كي لا أذبل.
وهكذا صار الزوجان يسقيانها قطراتٍ من الماء بين الحين والآخر، ويعتنيان بها، حتى كبرت، وأصبحت فتاة رائعة الجمال.
ولكن، لم تدم الفرحة طويلاً، فقد بدأت الفتاة البنفسجة تذبل مع قدوم الخريف، وبدا الذبول على التاج أولاً. وحين سألتها السيدة عما بها قالت:
- أنا زهرة، وعمري لا يطول أكثر من ذلك، إننا نخاف الشتاء نحن أزهار البنفسج، وقد حان وقت ذبولي.
حزن الزوجان حزناً شديداً بعد أن تعوّدا طفلتَهما الجميلة، وهما مضطران لقبول وداعها. ومن القلب الحزين، اتجهت الزوجة نحو السماء وقالت:
- يا رب.. أطِل عمر هذه الفتاة، إنها سبب سعادتنا، ولا تجعلها سبباً لشقائنا.
في الليل، كان البرد خارج الكوخ قارساً، وكانت قطرات صغيرة من الماء تتكاثف على زجاج النافذة، وقد حضر ملاك في هيئة زجل عجوز، وراح يرسم على الزجاج زهرة، بعد أن سمع بكاء الزوجين وفهم قصتهما. وحين أنهى الرسم، غادر من حيث أتى.
في الصباح، استيقظت الفتاة ورأت الزهرة المرسومة على زجاج النافذة فابتسمت، وأحست بشيء من التحسن. وبعد ساعات عادت لها نضارتها وقالت:
- إذن، ستظل الأزهار تملأ المرج حتى في الشتاء.
أخذت الزهرة المرسومة تنمو على الزجاج حتى انتهى الشتاء، وبدأ الربيع. لكن الفتاة، زهرة البنفسج، اختفت ذات يوم، بعد أن اطمأنت إلى وجود زهرة الليل، وتأكدت من أن الشتاء لا يأتي لأخذ الأزهار فقط، وإنما ليعطيَ أزهاراً أخرى، تُسعِد الناس بشكلها الجميل، ورائحتها العطرة.