الجندي والملك

أراد الملك أن يتأكد من أخلاق جيشه بنفسه، فارتدى ثياباً رثَّة وبدا كرجل فقير، وخرج ليلاً من باب سرِّي للقصر، لا يعرفه أحد غيره. أراد أولاً أن يختبر أقرب الناس إليه، فاتّجه نحو بيت عريف لديه، يقوم شخصياً بحراسته، وقرع الباب قائلاً للجندي بعد أن فتح الباب له:

  • هل أستطيع الليلة أن أنام على كومة القش هذه، فأنا غريب.

رحَّب الجندي بالرجل الفقير (الملك)، وأدخله البيت، إذ كانت زوجته وأولاده مسافرين لزيارة أقرباء لهم.

شكر الرجل للجندي حسن ضيافته، وطلب منه أن يشرب الشاي، فنهض الجندي وحضَّر الشاي وقدمه للرجل الفقير، ودارت الأحاديث بين الرجلين، بحيث أُعجب الجندي بحديث الرجل الفقير أيما إعجاب، وشعر بالراحة معه، خاصة حين كان يطرح المشاكل ويضع الحلول لها، فاطمأن إليه، وباح له بسرٍّ خطير:

  • لدي زهرة سحرية تستطيع أن تفتح أي قفل. تعال معي لأرِيَك ما لم تَرَهُ في حياتك.

اهتم الرجل الفقير (الملك) بالأمر كثيراً، وخرج مع العريف إلى ساحة المدينة، ووقفا أمام محل تجاري، فأخرج العريف الزهرة، وفُتِح القفل.

دخل الرجلان المحل ووقفا أمام خزنة المال، فأخرج الزهرة مرة أخرى ففُتِح باب الخزنة، فأخرج العريف المال منها، وقسم هذا المال إلى ثلاثة أقسام قائلاً:

  • هذا القسم هو رأس مال التاجر، ثمن البضاعة.

وأعاده إلى الخزنة، وتابع:

  • وهذا القسم هو الربح المشروع للتاجر. أما هذا القسم المتبقي فهو مال حرام، كسبه التاجر بالغش وسرقته للزبائن، لذلك سنأخذه معنا.

تابع العريف عمله، وفتح أغلب محلات الساحة، وأخذ منها قسماً اعتقد بأنه مال مسروق من الناس، ويجب أن يعود إلى خزينة المملكة، ثم أضاف:

  • ما رأيك أن أفتح لك خزينة الملك؟

تماسك الرجل الفقير (الملك)، وساير العريف، فتسللا خلسة إلى القصر، وأخرج الزهرة السحرية، ففُتحت أبواب خزنة الملك. مد الرجل الفقير يده ليأخذ المال، فصفعه العريف صفعة قوية وهو يقول:

  • هذه أموال الناس جميعاً، ويجب قطع اليد التي تمتد إليها بغير حق.

افترق الرجلان، وفي اليوم التالي استدعى الملك العريف، وأخبره بحقيقة ما جرى البارحة، فخجل العريف لأنه صفع الملك، لكن الملك قال له:

  • أسامحك من كل قلبي، لأنك زجل يعرف ما يجب أن يفعله.

في اليوم التالي، أصدر الملك أمراً يقضي بتعيين العريف وزيراً للمال في المملكة.

Comments are disabled