الفأر والضفدع

عاش الضفدع والفأر صديقين في غابة يعبرها نهر صافٍ هادئ، يجعل الحياة فيها ممتعة. وكان الصديقان ينامان خلال النهار في وكرهما الصغير المشترك قريباً من النهر، ويحبان السهر على ضفته، وكل منهما يروي للآخر حكايات الجنّيات المشوّقة، وكثيراً ما كان القمر يسهر معهما، وهو يطلُّ من خلال أغصان الأشجار، ويستمع إلى تلك الحكايات الممتعة. وذات ليلة، قال الضفدع للفأر:

  • ما رأيك يا صديقي في أن نغير مكاننا الليلة، وننتقل إلى هناك، حيث ضوء القمر أقوى، ولا تحجبه أغصان الأشجار؟

قفز الضفدع ببطء، بينما سار الفأر بمحاذاة الضفة، قاصدين المكان المقتَرَح، وهناك استلقيا، وبدأ الفأر يروي حكايته:

  • كان ياما كان، في قديم الزمان، كانت هناك قرية مشتركة للفئران والضفادع، تقع على ضفة بحيرة هادئة، وكانت الضفادع تشغل الجزء الأقرب إلى البحيرة، حيث تتوفر حاجاتها للحياة. أما الفئران فقد شغلت القسم الداخلي، حيث حقول القمح والذرة. وفي المساء، كانت الضفادع والفئران تجتمع في ساحة القرية، تغني وترقص حتى الصباح.

مضى كل شيء على ما يرام، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد هاجم الجراد القرية الجميلة ذات يوم، وخلال دقائق أصبحت القرية كالصحراء، لم يبق فيها غصن أخضر أو يابس على الإطلاق، واستلزم الأمر اجتماعاً لكبار الفئران، لتقرير ما يجب عمله، للتغلب على الجوع القادم الذي يصيب فئران القرية، والقرى المجاورة.

تابع الفأر قصته، بينما كان الضفدع يصغي بانتباه شديد:

  • كان الحزن يملأ قلوب الفئران، خاصة الصغيرة منها، لأن كبار الفئران قررت الهجرة إلى مكان آخر، بحثاً عن الغذاء. لكن الأمور تغيرت حين اجتمعت الضفادع والفئران، فقد تعهد زعيم الضفادع بإطعام الفئران كلها على مدى عام كامل، بشرط ألا ترحل من القرية.

سأل الضفدع صديقه الفأر بدهشة:

  • من أين سيأتي بالغذاء؟

أجاب الفأر متابعاً:

  • قامت الضفادع بإحضار أعشاب البحيرة من الأعماق إلى الضفاف، وتعاونت مع الفئران على تجفيفها، وهكذا تم التغلب على المشكلة، وعادت الحياة إلى ما كانت عليه في السابق. قال الضفدع:
  • ولكن لم تفعل الجنِّيات شيئاً في هذه القصة!

أجاب الفأر:

  • هذه قصة واقعية أيها الأحمق، لكن جميع قصص الجنيات خيالية.

نهض الضفدع، وقطف زهرة تشبه الفنجان، وملأها بالماء وشرب، وحين نظر إلى النهر، وجده مليئاً بالجواهر، فصاح مندهشاً:

  • أيها الفأر، انظر كم أصبحنا أغنياء أنا وأنت.

قفز الفأر ولم يصدق ما تراه عيناه، فاقترح على صديقه الضفدع:

  • عزيزي الضفدع، لا تخبر أحداً بالأمر، وعلينا أن نحرس هذه الثروة لكي لا يسرقها أحد.

وافق الضفدع، لكن النعاس غلب الفأر في الساعة الأخيرة من الليل، فنام، وحين استيقظ لم يجد شيئاً، فقد كان الصباح قد أشرق، فصاح باكياً:

  • لماذا سرقت الجواهر أيها الضفدع؟

رد الضفدع:

  • بل أنت من سرقها، لقد كنتَ آخر من قام بالحراسة.

تشاجر الصديقان، ومضى كل منهما في اتجاه، ولم يعودا يلتقيان، أو يتحدثان معاً.

إنهما أحمقان، فلو عادا في الليلة التالية إلى نفس المكان لوجدا النهر وقد امتلأ بنور النجوم والقمر، ولعرفا أن ما شاهداه لم يكن سوى انعكاس لهذا النور.

Comments are disabled